Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

التعديل الحكومي وزيارة البابا أبرز أحداث 2019

زخر المشهد السياسي في المغرب سنة 2019، بقرارات قوية ولقاءات سياسية هامة، وفتح ملفات صادمة، كما عرفت تغييرات جذرية في المشهد السياسي وسجالات عميقة على مستوى البرلمان، وإعلان مواقف سياسية غيرت بعضا من خارطة المشهد السياسي المغربي، انطلقت مع الخطب الملكية السامية المطالبة بتعديل حكومي يستجيب لمرحلة جديدة من الإصلاح، والتوجه نحو تشكيل لجنة للنموذج التنموي الجديد، حيث عرفت السنة تعديلا حكوميا قلص وزراء الحكومة من 39 وزير الى 24 وزيرا في أول حكومة مصغرة، والانهاء مع تجربة كتاب الدولة في الحكومة، كما عين جلالة الملك لجنة النموذج التنموي وعرفت غياب وجوه حزبية والاقتصار على كفاءات وطنية، وميزت سنة 2019 بخروج حزب التقدم والاشتراكية من الحكومة والعودة للمعارضة، وخروج تقرير ادريس جطو وفضحه لمجموعة من القطاعات الحكومية.
وكان التعيين الملكي للوزراء الجدد في حكومة سعد الدين العثماني المعدلة، كشف عن قوة الإلتزام الملكي في تنفيذ توجهات الخطابات الملكية الأخيرة لعيد العرش وثورة الملك والشعب، والعمل الفعلي على ترسيخ التوجه الجديد لمرحلة الإصلاح والإقلاع الشامل، و تفعيل الإلتزامات السياسية بتنزيل معايير الكفاءة عبر هيكلة جديدة للحكومة من خلال إعادة بلورة السلطة التنفيذية، بما يستجيب لشروط الحكامة الجيدة والنجاعة، وتشكيل حكومة جديدة تعمل على مواكبة الأوراش الكبرى ومواجهة تحديات ومعيقات التنمية، ومحاربة ” التماطل الحكومي”.
وشكل الإعلان عن الحكومة الجديدة، الإهتمام الملكي بتنفيذ أجندة الإصلاحات، والحرص على تقديم المشاريع والأوراش الإصلاحية في وقتها، عبر تنزيل برامج الإصلاحات ضمن جدول زمني محدد، يؤكد على مرحلة جديدة يقودها جلالة الملك في مواجهة “التماطل” الحكومي، والاستهثار بالوقت، ومحاربة “التمديد” و مواجهة “غياب الإلتزام الإداري والحكومي” ومواجهة “التفعيل الأمثل لمشاريع التنمية الإصلاحية”.
وعرفت سنة 2019، رفع ادريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات، تقريرا صادما الى جلالة الملك محمد السادس، يكشف فيه بالأرقام والأبحاث إختلالات مجموعة من البرامج الحكومية، ونقائص التدابير والإجراءات لاإنجاح عدد من الاستراتيجيات والشؤون المالية، والكشف عن القيام بالتدقيق والتحقيق اللازمين وانعقاد جلسات الحكم، بإصدار 181 قرارا قضائيا، فيما أصدرت المجالس الجهوية للحسابات 1963 حكما.
و كشف جطو اختلالات القطاعات الوزارية و بعض المؤسسات المالية للدولة، تفعيلا للمرحلة الجديدة من الإصلاح التي دشن لها صاحب الجلالة في الخطابين الأخيرية لثورة الملك والشعب وخطاب العرش، بالدخول في مرحلة الإصلاح والإقلاع الشامل، انطلاقا من تعديل حكومي وإداري قد يعصف برؤوس كثيرة في مناصب المسؤولية.
وأشار التقرير أن ” تنفيذ قانون المالية لسنة 2018 عرف تسجيل عجز في الميزانية بلغ 353 41 مليون درهم، مقابل تقديرات أولية في حدود 274 33 مليون درهم، أي بفارق بلغ 079 8 مليون درهم، ويعزى ذلك أساسا إلى ارتفاع في النفقات الإجمالية ” زائد 777 2 مليون درهم” وانخفاض في منتوج المداخيل العادية (ناقص 891 2 مليون درهم) وفي الحصيلة الصافية للحسابات الخصوصية للخزينة ” ناقص 411 2 مليون درهم”.
وأبرز أن ” مقارنة بالناتج الداخلي الخام، فقد ناهز عجز الميزانية نسبة 7,3 ،% مسجلة ارتفاعا بحوالي 2,0 نقطة مئوية مقارنة مع سنة 2017 وتغييرا لمنحاه التنازلي الذي شهده خلال السنوات الفارطة، والتي عرف خاللها انخفاضا من مستوى 8,6 % من الناتج الداخلي الخام سنة 2012 إلى نسبة 5,3 % سنة 2017″.
وأفاد بأن ” مالية الدولة تواجه صعوبات أخرى، تتجلى أساسا في عدم التحكم في ارتفاع ديون الخزينة والتي بلغت عند متم 2018 ما قدره 6,722 مليار درهم، بنسبة ارتفاع تناهز 4,4 % مقارنة مع سنة 2017 .كما تضاعف جاري دين الخزينة أكثر من مرتين ما بين سنتي 2009 و2018 بمعدل ارتفاع سنوي نسبته 6,8.% ولمواجهة من هذه الصعوبات، يتوجب إرساء حكامة جيدة على مستوى كل وظائف الدولة من تخطيط وبرمجة وتنفيذ ومراقبة وتقييم للبرامج والعمليات التي تنجزها الأجهزة العمومية”

وعرفت سنة 2019 تكليف جلالة الملك محمد السادس، لشكيب بنموسى وزير الداخلية الأسبق وسفير المغرب بفرنسا، برئاسة اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، في تنزيل فعلي لتوجهات جلالة الملك وتسريع وثيرة الإصلاح، وبلورة توجهات المرحلة الجديدة في الإقلاع الشامل، موضحا طبيعة تركيبتها ، لتشمل مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا.
ويشدد الملك، على أن ” اللجنة لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية، وإنما هي هيأة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن، وعليها أن تأخذ بعين الاعتبار التوجهات الكبرى، للإصلاحات التي تم أو سيتم اعتمادها، في عدد من القطاعات، كالتعليم والصحة، والفلاحة والاستثمار والنظام الضريبي، وأن تقدم اقتراحات بشأن تجويدها والرفع من نجاعتها.
وطالب جلالة الملك من اللجنة، ” أن ترفع الحقيقة، ولو كانت قاسية أو مؤلمة، وأن تتحلى بالشجاعة والابتكار في اقتراح الحلول”، ودعا الحكومة للشروع في إعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى، تقوم على التكامل والانسجام، و من شأنها أن تشكل عمادا للنموذج التنموي، في صيغته الجديدة.
ودعا جلالة الملك المغاربة للمساهمة الإيجابية فيها، بروح المواطنة الفاعلة، لأن النتائج التي نطمح إليها، والمشاريع والمبادرات، التي نقدم عليها، لها هدف واحد هو تحسين ظروف عيش المواطنين”.
وميز خطاب الملك محمد السادس، خلال الاستقبال الرسمي لبابا الفاتيكان فرانسيس بباحة مسجد حسان بالرباط، أحداث سنة 2019، خلال ابرازه العمق الفلسفي والفكري للرؤية الملكية في التعايش والتسامح والحوار بين الأديان السماوية، وأظهر خطاب جلالة الملك، القوة الفكرية والثقافية والدينية لجلالة الملك، والبلاغة والبيان في طرح الأفكار والمفاهيم الاسلامية العميقة حول تعايش الديانات والتسامح ، حيث قال “إننا في بحث متواصل عما يرضي الله، في ما وراء الصمت، أو الكلمات، أو المعتقدات وما توفره من سكينة، وذلك لتظل دياناتنا جسورا متميزة ونيرة، ولكي تظل تعاليم الإسلام ورسالته منارة خالدة، مضيفا جلالته بلغة راقية وفصيحة باستعماله لثلاث لغات أجنبية “، قائلا ” بيد أنه من الواضح أن الحوار بين الديانات السماوية يبقى غير كاف في واقعنا اليوم، ففي وقت تشهد أنماط العيش تحولات كبرى، في كل مكان، وبخصوص كل المجالات، فإنه ينبغي للحوار بين الأديان أن يتطور ويتجدد كذلك”.

و أنهى الحزب “الشيوعي” التقدم والاشتراكية خلال سنة 2019، مشاركته في حكومة يرأسها “الإخوان”، بصراع داخلي فجر مجموعة من “الفضائح” حيث شدد وقتها نبيل بنعبد الله الامين العام للحزب،على ان الخروج من حكومة وصفها بـ”الضعيفة” ، غير مواكبة للأجندة الملكية، ولا تحمل مشاريع تنموية وبرامج إجتماعية ترفع من تطور ونمو المجتمع المغربي.
وعرفت السنة ، تعيين جلالة الملك محمد السادس، لأعضاء المجلس الوطني لحقوق الانسان الجديدة، حيث كشف التعيين، عن توجه جديد في ترسيخ مبادئ وقيم حقوق الانسان وإشراك فعاليات حقوقية وقيادات حزبية وخبراء في تدبير ملفات حقوق الانسان بالمغرب ، وأظهر التعيين الملكي عمق وحكمة وتبصر جلالة الملك في وضع قيادات شابة على رأس المسؤولية، وذلك بتعيين ، منير بنصالح أمينا عاما جديدا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تنزيل فعلي لبلورة الرؤية الملكية ودعم مشاركة الشباب في الشأن العام، حيث يعد منير بنصالح من شباب 20 فبراير وعضوا بحزب الاتحاد الاشتراكي وخريج المدرسة الحسنية للمهندسين، و يبرز التعيين الملكي حضور قيادات الاتحاد الاشتراكي في مراكز المسؤولية وعلى رأس مؤسسات حقوقية، تظهر بشكل واضح دينامية أطر الاتحاد الاشتراكي.
وعرفت سنة 2019، جدلا واسعا بين الفرق البرلمانية بمجلس النواب، حول قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، والصراع حول التوصل الى صيغة توافقية، لمعالجة مجمل نقاط الخلاف التي كانت مطروحة بين الفرق البرلمانية، حيث كان الصراع حول لغات التدريس المواد العلمية والتقنية باللغات الأجنبية،، بعدما تنازل فريق “البيجيدي” عن تعنته، وضغط الفرق البرلمانية لإنهاء “التعاقد” في الصيغة القانونية، و التوصل الى اتفاق يرمي إخراج القانون حيز التنفيذ.
و استعر الجدال خلال سنة 2019، بين مجموعة من الوجوه السياسية بحزب رئيس الحكومة والقضاة والمحامين، بعدما أعلنت هيئات المحامين بالمغرب الخروج للاحتجاج على مصادقة البرلمان على المادة 9 ومنع الحجز على ممتلكات الدولة الصادر في حقها أحكام قضائية، كما خرج المحامون الى الشارع أمام البرلمان للاحتجاج على المصادقة على المادة 9، و ضد إقرار المادة التاسعة من قانون المالية، المتعلقة بمنع الحجز على ممتلكات الدولة حتى لو صدرت في حقها أحكاما قضائية .

Exit mobile version