Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

التكوين المهني ضرورة تاريخية

قال المغاربة قديما ويقولون “فرحة بوك لا يغلبوك”، أي تعلم حرفة تعيش منها حتى لا تنهزم أمام الحياة.
لا حرفة اليوم إلا بالمرور عبر مراحل التكوين المهني. والمغرب دخل في هذا المسار تفاديا للتعليم الذي لا يرتبط بسوق الشغل. وكان جلالة الملك محمد السادس قد وضع نصب عينيه هذا الورش الكبير، الذي يعد من المشاريع الملكية الضخمة. توسيع دائرة التكوين وتنويع مساراته حتى يصبح بوابة لإدماج الشباب في سوق الشغل والحياة العامة.
اليوم نرى إقبالا كبيرا على التكوين المهني وبالأرقام الرسمية فإن عدد الراغبين في متابعة مسارات التكوين تضاف أكثر من أربع مرات، بما يعني أن خطة ربط التكوين بالحاجيات المجتمعية تسير نحو الهدف الصحيح.
لكن. دائما تعترضنا هذه ألـ”لكن”.
لكن لا يمكن لأي مشروع أن ينجح بشكل كبير دون أن يكون هناك تكامل مع باقي المشاريع في المجتمع.
ولابد من التأكيد على أن مشروع التكوين المهني بالمواضفات الحديثة هو مشروع ملكي، حيث بدأ العمل اليوم بمشروع المدن المهنية، التي كانت فاتحتها بالمدينة المهنية لتامسنا، التي تضم عشرات التخصصات والمهن، التي يحتاجها المتعلم في حيلاته العملية.
لقد كان الهدف الملكي منذ البداية أن يتخرج الطالب من التكوين المهني ليندمج مباشرة في العمل.
قبل سنيتن قام مؤسسة التكوين المهني بإحصاء كانت نتيجته مخيفة للغاية، وهي أن 130 تكوينا كانت ما زالت قائمة في مؤسسات التكوين المهني لم تعد موجودة أصلا في سوق الشغل، بما يعني هدرا للمال العام وإدخال آلاف الطلبة في المتاهة التي لا حد لها.
التكوين كي يكون ناجحا لابد أن يرتبط بسوق الشغل أي بمحيطه، والتكوين مؤهل سريع للاندماج، باعتباره يمنح شهادات وسيطة، بينما الجامعة لا تتيح الفرص الكافية للاشتغال، والشهادات التي تقدم من الصعب أنها تؤدي بالحاصل عليها إلى الشغل، فمن بين 80 ألف طالب من خريجي الحقوق وحدها تقدموا لاختبار المحاماة لم يتم نجاح سوى بضعة عشرات من بينهم والباقي مصيره الضياع، وهكذا دواليك.
لا يعني التركيز على التكوين المهني التنقيص من التعليم الجامعي، لكن لابد من ترتيب الأولويات، وفتح مسارات جامعية مكملة للتكوين أيضا، لأن الجامعة هي التعليم لمن له القدرة على التحمل أكثر والصبر مدة زمنية أطول.
ويبقى الأساسي هو ربط التعليم الجامعي وربط التكوين المهني بالمحيط وإلا لا يمكن الحديث سوى عن مسالك نحو البطالة.
ولابد للتكوين من الانفتاح على المحيط لكن دون تركيز التكوين في بضعة مدن، ولكن تنويعه وتوزيعه على كافة المدن، وتركيز الاختيارات حسب حاجيات الجهات، وهذه من أسس العدالة المجالية، فإذا كان التكوين منسجما مع المحيط سيكون أمام الخريج خيار العمل في منطقته وبالتالي التخفيف من ظاهرة إفراغ المغرب العميق.

Exit mobile version