يبدو أن فكرة استحالة الخضوع لعملية جراحية دون تخدير عام أصبحت متجاوزة، فقد أثبت نجاح تقنية التنويم المغناطيسي أو الإيحائي أو بالإضافة إلى تخدير موضعي وكمية مخففة من عقاقير تخفيف الألم، أن الأمر ممكن فعلا، بل وبديل موثوق به للتخدير العام.
الأمر المدهش بالنسبة للتنويم المغناطيسي لدى استخدامه في المجال الطبي يتمثل في كونه يجعل المريض لا يشعر بالألم تماما أثناء العملية، وذلك عن طريق إدخاله من طرف متخصص في التنويم الإيحائي في حالة من الهدوء العميق والاسترخاء عن طريق مجموعة من الخطوات التي تبعده عن الواقع بشكل تدريجي، مع إبقائه في حالة من الوعي بما يدور حوله.
وفي تعريفه للتنويم المغناطيسي أو بالأحرى التنويم الإيحائي، قال رئيس الفيدرالية الوطنية لأطباء التخدير والإنعاش، الدكتور جمال الدين الكوهن، إن هذه الطريقة عرفت طفرة مهمة في بداية هذا القرن على المستوى العالمي، خصوصا بعد الدراسات والتجارب العلمية الدقيقة التي أثبتت فاعليته في مجال التخدير وعلاج الألم في نهاية القرن الماضي، وقد تأتى فهم بعض ألغازها والوقوف على مبادئها، حيث أكدت التجارب أنها حالة طبيعية وفزيولوجية تنبثق من مبادئ ومعطيات عادية للوظيفة الدماغية.
وأضاف الدكتور الكوهن، أن هذه الظاهرة حالة طبيعة لدى جميع الأشخاص مع تفاوت نسبي عند البعض منهم، وقد شكلت أبحاث ماري اليزابيث فامونفيل في أوساط التسعينات نقطة تحول تاريخية بعد إجرائها للعديد من العمليات الجراحية مستعملة هذه التقنية في هذا المجال.
وسجل أنه يتم القيام بعمليات عبر التنويم المغناطيسي في اختصاصات عدة منها، على الخصوص، عمليات الفحص بالمنظار للمعدة والقولون وفي الجراحة السطحية كالفتق، وأيضا في التحضير ومواكبة عملية الولادة.
وأكد الدكتور الكوهن أن جل من استفادوا من هذه التقنية أبدوا ارتياحا كبيرا وإعجابا بها، كونها تضفي قدر ا كبير ا من الأنسنة للعناية الطبية، وت ظهر نتائج جد حسنة في علاج وإدارة الألم أثناء وما بعد العمليات الجراحية، وكذا خلال إعادة التأهيل المبكر لما بعد العمليات.
وبخصوص استعمال التنويم المغناطيسي في المجال الطبي في المغرب، أبرز أن هذه الطريقة لم تعرف اهتماما كبيرا إلا في السنوات القليلة من بداية هذا القرن، حيث بدأ تكوين بعض الأطباء والعاملين في مجال الصحة في هذا المجال وذلك عن طريق الجمعية المغربية للإيحاء الطبي، وكذا من خلال دبلوم جامعي يعد الأول من نوعه في المغرب وفي افريقيا بجامعة العلوم الطبية الخاصة “أبو القسيس” بالرباط.
وفي هذا الإطار، عبر رئيس الفيدرالية الوطنية لأطباء التخدير والإنعاش عن أسفه لكون التنويم الإيحائي لم تتم “بعد دمقرطة” استعماله كأداة إضافية لجميع العاملين في قطاع الصحة، وإن كان الإيحاء الطبي يعتبر أداة إضافية للعناية الصحية بالمغرب لأي مختص في مجال اختصاصه.
ونبه إلى كون التنويم المغناطيسي لا يعتبر بديلا عن التخدير الكيمائي العام ولكن طريقة إضافية لتحسين الأداء وفي بعض الحالات قد يشكل بديلا في الجراحة الخفيفة، والفحوصات بالمنظار والجراحات السطحية.