Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

التواصل السياسي في زمن كورونا: في الحاجة إلى نموذج تواصلي جديد

أرخت الجائحة بظلالها على كافة المجالات، وأدخلت سكان العالم في “إقامة جبرية” خشية انتقال العدوى، لم يكن المجال السياسي هو الآخر في منأى عن تداعيات وباء كورونا الذي قلب العالم رأسا على عقب.

فبالإضافة إلى شل الاقتصاد، واضطراب حركة المواصلات، وافتقاد دفئ العلاقات الاجتماعية، تأثر الميدان السياسي كذلك على إثر الإجراءات الاحترازية التي اتخذت في العالم بأكمله، من حجر صحي، وتباعد اجتماعي، ومنع لكل أنواع التجمعات.

ولأن الممارسة السياسية تعتمد أساسا على التواصل، باعتباره وسيلة فعالة من أجل التعريف بأي مشروع سياسي والدعاية له، وجدت الأحزاب السياسية نفسها مضطرة لعدم تنظيم أنشطة إشعاعية أو لقاءات فكرية، أو حتى عقد دوراتها التنظيمية.

ويعد التواصل السياسي من أهم المهارات الضرورية بالنسبة للفاعل السياسي، باعتبارها حلقة وصل لا غنى عنها لكسب الثقة والتأييد الجماهيري لأفكاره وتوجهاته وبرامجه. هذه الثقة التي لن تتأتى إلا عبر تواصل فعال مبني على استراتيجية مكتملة المعالم.

وفي المغرب، ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، وما تتطلبه من تعبئة وحشد واستعداد قبلي من أجل كسب ود الناخبين، وجدت الأحزاب المغربية نفسها في حاجة لابتكار نموذج تواصلي جديد يتماشى والظروف الاستثنائية المفروضة جراء تفشي وباء كورونا المستجد.

وفي هذا الصدد، أكد الأكاديمي والمحلل السياسي محمد بودن، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه عموما لا توجد دراسات لتقييم مستوى تواصل الأحزاب السياسية طيلة فترة تفشي (كوفيد- 19)، لكن يمكن استنتاج عدم توفر الأحزاب السياسية على سياسة تواصلية طيلة هذه الفترة، مضيفا أنها كانت تقوم في بداية الأزمة بأنشطة تواصلية لا تتميز كثيرا عن أنشطة جمعيات المجتمع المدني ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي.

وأضاف المحلل السياسي أنه “لم تسجل حالة تواصل دائمة للأحزاب السياسية في بداية تفشي الوباء وهذا ناتج عن فجائية الوضع الوبائي”، مبرزا أنه يمكن تقييم أداء الأحزاب السياسية لأدوارها في زمن الأزمة وفقا لعدة مستويات، أولهما المستوى التواصلي، حيث لم تتعد الأحزاب خط نشر الأحداث أو متابعتها أو تنظيم حلقات تناظرية مباشرة في شبكات التواصل الاجتماعي لم تحظ بمتابعة تتناسب مع الأهمية الديمقراطية للأحزاب.

أما على المستوى الثاني، وهو المستوى الاجتماعي، يضيف السيد بودن، فقد اكتفت الأحزاب في الغالب بالتواصل في محيط مغلق أو ضيق لا يتجاوز المكاتب السياسية والأعضاء والمتعاطفين.

وعلى المستوى السياسي، ذك ر ب”الإجماع الذي طبع نظرة الأحزاب للأزمة وسبل مواجهتها في إطار حالة وطنية من الالتحام، لكن في إحدى المراحل وخاصة في الطريق نحو الدخول السياسي، لوحظ رجوع بعض الأحزاب إلى التقوقع ضمن دائرة الأغلبية أو المعارضة والغطاء الفكري أو الأيديولوجي”.

من جهة أخرى، أكد السيد بودن أن الشأن السياسي له ارتباط وطيد بالحياة العامة، ولذلك فشبكة التواصل فيه لها أهمية قصوى في الأزمات. لكن، يضيف المتحدث، “لم تستثمر الآليات التواصلية للأحزاب الوسائط المتوفرة والفضاءات المفتوحة بشكل براغماتي ومثمر، وفي الغالب، كان إضفاء الطابع الشخصي مهيمنا على الأنشطة التواصلية. ولذلك فالأحزاب كانت بحاجة أكثر لخلفية متينة حول تواصل الأزمات، والسياسة في زمن الأزمات.

Exit mobile version