Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الثقافة والإعلام في البرنامج الحكومي

نقول متفكهين من كثرة الهم، أن الحكومة تكرّمت على “الثقافة والفعل الثقافي والإعلامي” بسطر غامض ملتبس، وذلك من فرط حب “تجمع المصالح الكبرى” للثقافة والفن، وأكثر الناس اقتناء الفنية هو أصحاب الرأسمال حماية له من أعين المواطنين الآخرين. لكن هذه الثقافة التي حظيت بسطر من التصريح الحكومي ليست هي التي يريدها جلالة الملك محمد السادس.
الثقافة التي يسعى إليها جلالته هي الثقافة المنتجة للثروة، ولهذا أعطى أوامره قصد إحصاء الثروة اللامادية للمغرب، فإحصاء الرأسمال غير المادي، ليست عملية “رفاهية” فائضة عن العمل الجاد ولكنها من صميمه وفي صلبه، وهذا ينسجم مع توجهات جلالته، حيث أرسى قواعد عمل ثقافي جديد، من خلال متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، والذي استقدم شخصية فنية هو المهدي قطبي لإدارته.
وكان جلالته أعطى بعدا جديدا للفروسية وفن التبوريدة رابطا إياه بثقافة الخيول الأصيلة من خلال مهرجان الجديدة، وعنايته بالثقافة الروحية للمغاربة وتراثها النقي، الذي يعتبر جدر الشجرة الوارفة التي نستظل بها جميعا، كما أعاد الاعتبار للثقافة من خلال مسرحين، واحد بالدارالبيضاء والثاني على ضفاف نهر أبي رقراق، الذي صممته أحسن مهندسة التي وضعت تصميمات العديد من المعالم الكبرى في العالم المهندسة العراقية زها حديد رخمها الله برحمته الواسعة، تقديرا لهذه المنشأة الثقافية التي تليق بتاريخ وحاصر ومستقبل المغاربة كما يراه جلالة الملك.
ولا ننسى عناية جلالته بالكتاب والأدباء والإعلاميين، ورعايتهم حتى في أدق الأوقات، لكن هذه العنياة الملكية لا نجد لها ترجمة على أرض الواقع، أي في البرنامج الحكومي باعتباره المدخل لتنفيذ السياسات العمومية، وهل بسطر واحد سندعم الثقافة؟ أم أنها ليست في وارد اهتمامات حكومة “تجمع المصالح الكبرى”، الذي يعتبر الثقافة من اهتمامات فقراء البلد فقط؟
أما الإعلام فقد كان ضحية متعمدة للتصريح الحكومي والبرنامج الحكومي بل حتى في تسميات الحكومة، إذ ورد اسم القطاع كقطاع للتواصل، وقد تعرض الإعلام لأقصاء كبير، مع العلم أن جلالة الملك يوليه أهمية كبيرة، وأعطى أوامره بأن يتم أداء أجور الصحفيين في قطاع الصحافة المكتوبة والرقمية لمدة سنة كاملة، كي لا تتأثر بالجائحة وتغلق أبوابها، لكن الحكومة الحالية يبدو أنها غير معنية إلا بصنف واحد من الصحافة.
يظهر أن حكومة عزيز أخنوش، أو بالأحرى “الأخنوشية”، تفكر في كارتيلات ومنها الصحافة، حتى يصبح الجميع “شاد الصف”، وهو الآن يمتلك عشرات وسائل الإعلام بين إذاعة وصحيفة وموقع إلكتروني، كلها تسبح بحمده، إلى درجة أن حركاته وسكناته تنقل جميعا، وبالتالي سيفرض على الباقي الانخراط في الجوقة أو الموت، ناسيا أن الصحافة لن تموت حتى لو فرض على أصحابها العيش الضنك، وقد تتحول إلى بلوكات وصفحات في وسائط التواصل الاجتماعي، لكن من الأفضل للحكومة أن تحافظ على الإعلام القانوني.
ويظهر أن تسمية القطاع بالتواصل، الذي هو بخلاف الإعلام دليل رمزي على الرغبة في قتله.

Exit mobile version