Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الثقة المفقودة في المدرسة العمومية

A student reads French words during a class in the Oudaya primary school in Rabat, Morocco January 31, 2019. Picture taken January 31, 2019. REUTERS/Youssef Boudlal

محمد عفري

شارف الفصل الأول من الموسم الدراسي على النهاية، وتلاميذ التعليم العمومي ابتدائي وإعادادي وثانوي في عطلة بينية، أوجبها برنامج الوزير الوصي، بأمر قبلي و”استباقي”، دون علم منه ان أساتذة القطاع العمومي سيخضعون تلامذتهم إلى عطلة “مطولة” بالكره، نالت من الاستعمال الزمني للفصل الأول الحيز الأكبر، استسلاما للإضرابات، احتجاجا على العديد من النواقص، تضمنها نظام أساسي، خرج إلى حيز الوجود، ضدا في حق الأستاذ..
طالت لعبة شد الحبل بين الوزارة الوصية/ الحكومة والأساتذة ونقاباتهم وتنسيقياتها، وكانت النتائج وخيمة على التلميذ الذي خلد إلى راحة غير مجدية، تخللها هدر مدرسي فظيع.
مع تأكيد شديد لوزير التعليم و رئيس الحكومة على استنفاذ الممكن من الاستجابة للمطالب في الحوارات الاجتماعية مع النقابات الأكثر تمثيلية للأساتذة، وانعدام أية إضافة، وسط حديث عن سحب البساط من تحت هاته النقابات التمثيلية، وعلى قلتها، بشكل أو بآخر، وتوقيعات لنقابات كان يعنيها التوقيع وكفى، ضاع حق تلميذ التعليم العمومي في التحصيل المعرفي على قدم من المساواة مع تلميذ التعليم الخصوصي الذي لم يكن أساتذته مضربين.
تزامنا مع هاته الوثيرة المرتفعة للهدر المدرسي في التعليم العمومي، أثير جدل الجودة في التعليم العمومي وثقة المغاربة فيه، حيث أكد المركز المغربي للمواطنة وفق استطلاع للراي أن ستا وثلاثين بالمائة من التوجه العام للمجتمع، وفي مقدمتهم الاباء والاولياء وهي نفس النسبة المجتمعية تقريبا التي تعبر عن فقدانها الثقة في التعليم العمومي (33,8 %) .
لذلك، إذا كان من حق الأساتذة وغيرهم الاحتجاج، بشكل يكفله القانون والدستور، رغم أن قانون الإضراب الذي اجتهدت في إخراجه حكومة بنكيران، يجرّمه في بعض المناحي ويعاقب عليه، فإن التلاميذ، عَصب منظومة التعليم بمجملها، وتلاميذ أقسام الامتحانات الإشهادية بالخصوص، يعتبرون ضحايا إضرابات أساتذتهم في التحصيل المعرفي، ومن حق أيائهم وأولياء أمورهم التخوف على مصيرهم من استمرار التعليم العمومي، ليس على هكذا حال من الإضرابات، بل على هكذا حال من انعدام الجودة التي يجدونها في التعليم الخصوصي ويفتقدونها في نظيره العمومي الذي اصبحت الثقة أيضا، فيه مفتقدة،

مادام أساتذة التعليم الخصوصي غير مضربين، وتلامذتهم ملتزمون بالفصل الدراسي، يسجل الواقع كارثة مجتمعية، حين ينعدم تكافؤ الفرص بين تلميذ وآخر في نفس القسم أو المدرسة، وكارثة أخطر حين ينعدم هذا التكافؤ بين التمدرس في القطاع العمومي ومثيله في القطاع الخصوصي، لأن النتيجة الحتمية هي الضرب المبرح لما تبقى من جسم التعليم العمومي، بل النتيجة هي دفع التلاميذ إلى الاحتجاج، بدورهم على هذا الانعدام في التكافؤ الذي قد يفهم ميزا، بين من لا قدرة له ماديا على ولوج التعليم الخصوصي، وبين من هو في أريحية متنوعة، يتعدى عقبة الولوج إلى التعليم الخصوصي بسهولة، إلى إمكانية تلقي دروس الدعم والتقوية من أساتذة متجولين بين البيوت، وبرواتب خيالية.. والإحساس بالميز والحيف دافع قوي للانفجار، وليس للاحتجاج وحسب، في ظل انعدام أي إدراك لمنسوب التحدي لدى هؤلاء التلاميذ، لأن في غياب وعي وتأطير قد تنفلت الأمور، وليتحمل المسؤولية إذ ذاك، من استصغر الوضع ودفع به إلى حافة الاصطدام وهو ينتشي بإنجاز ملغوم ، عبر اتفاقيات مع نقابات انتخابيا هي الأكثر تمثيلية، لكن من حيث الامتداد، ليست هي التعبير الأقوى، لتنبري إلى الوجود نقابات أخرى وتنسيقيات نقابية استطاعت تأطير الأساتذة المضربين..
لمدة تقارب سبعة عقود، ظلت الحكومات المتعاقبة، في عهد المغرب المستقل، مسؤولة تمام المسؤولية عما أصبح عليه التعليم العمومي من التدني إلى حد التتفيه والتسفيه لفائدة التعليم الخصوصي، لغايات مفيدة لغالبية أصحاب القرار. كل برامج الإصلاح واستراتيجيته الخاصة بهذا القطاع، بما فيها التعريب وإلغاؤه، ذهبت سدى أو كان الساهرون عليها كمن يرسم في الماء.
لذلك لا انتظارات إيجابية لفائدة التمدرس العمومي، أو لصالح المدرس الأستاذ والمتمدرس التلميذ، من طرف عزيز أخنوش وحكومته أو عبر اجتماعاته مع النقابات، ويكفي أن غالبية أصحاب القرار، المشرعين في البرلمان، والمنفذين في الحكومة، وزعماء النقابات أنفسهم، ملاك كبار للمدارس الخصوصية.

Exit mobile version