الإرهاب ظاهرة عالمية ويستحيل أن تحاربه دولة لوحدها، ولهذا يقتضي الأمر تعاونا بين كافة الدول بغض النظر عن طبيعة علاقتها، بما يجعل الموقف الجزائري الرافض للتعاون مع المغرب في مجال مكافحة الإرهاب أمرا غير مفهوم، وبقدر غموضه بقدر ما يكشف عن تورط الجزائر في استمرار الحاضنة الإرهابية، بعد أن تأكد من خلال تقارير استخباراتية متعددة تحول مخيمات تندوف إلى بؤرة للإرهابيين، وتحول البوليساريو إلى متجر كبير لبيع السلاح للجماعات التكفيرية.
حبوب الشرقاوي، المسؤول عن الجهاز المتخصص في مكافحة الإرهاب بالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، فصّل كثيرا في هذه العلاقة الملتبسة بين البوليساريو والجماعات الإرهابية، وهو ما يعزز ما ذهبت إليه كثير من التقارير حول هذه العلاقة، سواء تعلق الأمر بانخراط عشرات من مرتزقة البوليساريو في هذه التنظيمات الإرهابية، أو تحويل المخيمات إلى محج للإرهابيين.
لكن الأساسي في هذا الموضوع ليس هو البوليساريو، لأن الكل يعرف أنها جماعة مرتزقة مغاربة وموريتان ومن الساحل، ولكن هو الدولة التي تحتضنهم، أي الجزائر، باعتبار أن الأرض التي يقيمون فوقها ويتدربون ويتسلحون هي أرض جزائرية، ومن يمنحهم المال والنفوذ الدولي والسلاح هو عائدات النفط والغاز الجزائريين والرشاوى التي يتم تقديمها دوليا.
إذن الجزائر مسؤولة عن الإرهاب، الذي تعتبر البوليساريو أحد عناصره الأساسية، بل إن الجزائر مسؤولة عن خلق الجبهة واحتضانها، وكل ما قامت به هو نوع من أنواع الإرهاب الواضح، منذ تأسيسها وإلى اليوم، فلا غرو أن يقوم المرتزقة باحتضان الإرهابيين، لأنهم متمرسون في هذه الممارسات، منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث مارسوا القتل تجاه مغاربة أبرياء واختطفوا النساء والأطفال وجعلوهم دروعا بشرية لتحقيق مكاسب على الأرض تم تصريفها إلى هدايا من الدولة الجزائرية التي تسعى إلى التشويش على المغرب.
فكون البوليساريو مجموعة مرتزقة تحتضن اليوم الجماعات الإرهابية تتحمل مسؤوليته الجزائر، لأن الإرهاب يهدد العالم برمته، وخصوصا منطقة الساحل والصحراء التي تتميز بحدودها الهشة والتي يصعب مراقبتها بأي شكل من الأشكال إلا بتظافر الجهود، وبالتالي فإن تمنع الجزائر عن الانخراط في الجهد الدولي لمكافحة الظاهرة العالمية يجعلها متورطة حتى النخاع في هذا الموضوع.
كل المؤشرات تفيد أن الجزائر التي لا ترغب بتاتا في التعاون قصد محاربة الإرهاب، هي إحدى الدول التي تريد لعب دور جيوستراتيجي أقليمي لا بما تملكه من قدرات ولكن بالتحكم في آلية الإرهاب الدولي الفار من منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا سوريا والعراق، إلى منطقة الساحل والصحراء، وهي تريد اليوم إعادة تجربة دولة صغيرة في الشرق حاولت أن تكبر عن طريق توظيف الجماعات التكفيرية.
تنسى الجزائر أن حدودها مفتوحة على النار وأن جنوبها يمكن أن يتحول إلى منطلق للإرهابيين ولكن من يربي الأفعى تلدغه عندما تكبر.
الجزائر وتحول البوليساريو إلى بؤرة إرهابية
