Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الجزائر و”مبدئية” مفهوم الانفصال

المغرب غير مهتم بشأن يهم القبايليين في الجزائر، لكنه يذكر الحاكم هناك أن ما تريده لغيرك يمكن أن يحقك أنت أيضا. فسكوت المغرب لمدة 46 سنة عن “حكومة القبايل” في المنفى هو من باب المروءة، وترك الباب مواربا لتدخل منه ريح الأخوة “الشمال إفريقية” والعرب والإسلام وكثير من الروابط والأقدار الجغرافية والتاريخية. لكن مجرد جملة واحدة في رسالة لدبلوماسي مغربي جعلت الجزائر تنتفض.
ما معنى أن تكون “مبدئيا” في مفهوم تقرير المصير؟ طوال هذه المدة والنظام العسكري يتحدث عن تقرير مصير الشعب الصحراوي ضدا في كل الروابط القانونية والتاريخية، التي تقول بأن الصحراء مغربية، لكنها ترفض أن يطالب شعب من 10 ملايين مواطن بحقهم في تقرير المصير. من الأولى بتقرير المصير؟ الشعب الصحراوي الذي يجدد ارتباطه ببلده ويجدد البيعة للعرش ويؤكد أنه مغربي باستثناء شرذمة الانفصاليين الممولين من بترول الجزائر، بينما القبايل التي رفضت برمتها التصويت في الانتخابات لأنها غير معنية بها.
في المغرب مجالس جماعية ومجالس جهات وبرلمانيون منتخبون من الأقاليم الصحراوية، وأرقام المصوتين كثيرة، ويسمح المغرب للأصوات النشاز بأن تعبر عن رأيها، بينما لا يوجد برلماني واحد عن القبايل لأن المقاطعة كانت شاملة، فالمنطق يفرض تقرير مصير هذا الشعب بدل ما تدعو إليه الجزائر.
ما قاله عمر هلال في رسالته إلى مجموعة دول عدم الانحياز يدخل في إطار المعاملة بالمثل، وهي معاملة بسيطة مقارنة مع ما قامت به الجزائر، فماذا لو كانت المعاملة كبيرة ومن حجم الفعل الجزائري؟
فماذا لو ساند المغرب حكومة القبايل في المنفى؟ وماذا لو أعطى لهذه الحكومة مقرا؟ ماذا لو فتحنا سفارة أو مجرد ممثلية لحكومة المنفى في الرباط واختار لها مقرا قريبا من سفارة الجزائر؟ ماذا لو قاد المغرب حملة الاعتراف بهذه الحكومة وتبعته مجموعة من الدول الصديقة والشقيقة؟ ماذا لو أقام لهم لقاء في المنطقة العازلة؟
هي كلها افتراضات لن يدخلها المغرب ولكنها من الأعمال الممكنة. ماذا سيكون موقف الجزائر حينها؟ هل ستقبل تقرير المصير كما قبلته من قبل؟
انزعاج الجزائر من موقف بسيط ودون أثر عملي، أي دون اعتراف بحكومة المنفى ودون تمثيلية ودون حتى تواصل، دليل على أن الجزائر تتعامل مع مفهوم “الانفصال” بازدواجية خطيرة. وهذا دليل جديد على أن القناعة الوحيدة لدى حكام العسكر الجزائري هو ألا يرتاح المغرب ويتفرغ للتنمية والتطوير الصناعي حتى لا يكون نموذجا جاذبا في المنطقة المغاربية والمنطقة الإفريقية عموما.
لقد اختارت الجزائر التصعيد الإعلامي تجاه المغرب، وما اختيار رمطان العمامرة ليقود الخارجية من جديد إلا تجسيد عملي على أن حكام الجزائر لا يريدون فتح صفحة جديدة بل يريدون العودة إلى الفصل الخشن من كتاب دعم المرتزقة والانفصاليين، دون أن يلتفتوا إلى أنفسهم ليروا كم أن عوامل الانقسام موجودة عندهم بشكل كبير.

Exit mobile version