Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الجزائر ومفهوم الأعمال العدائية

People stand near a border post on the Algerian side of the Morocco-Algeria border in the north east of Morocco July 31, 2011. Morocco's King Mohammed renewed calls on Saturday to normalise ties and reopen borders with wealthier neighbour Algeria, saying that Rabat wants to build an integrated North African economic bloc. Morocco closed the border following a 1994 Islamist militant attack in Marrakesh, which it blamed on Algeria's secret service, and the border region remains tense. REUTERS/Youssef Boudlal (MOROCCO - Tags: POLITICS)

كان المفكر الكبير عبد الله العروي محقا بشكل كبير عندما قال “المغرب جزيرة.. قدرنا هو أننا سكان جزيرة ويجب أن نتصرف كسكان جزيرة”. فرض التاريخ والجغرافية على المغرب أن تكون له خصوصية جعلت منه جزيرة، فتاريخيا لم تصل الخلافة العثمانية إلى المغرب وبقيت بحدود الجزائر، وجغرافيا، ليس هناك امتداد في الجغرافية المائية والجبلية مع هذه الدولة، لهذا كان المفكر الكبير محقا، وحتى الفكر جزء من هذه الجزيرة فالمفكر الجزائري الوحيد الذي يوازي ما أنتجه المغرب أوصى بدفنه في الدار البيضاء أي محمد أركون.
اليوم تخرج الجزائر بسفالة كبيرة وببيان للرئاسة، التي نعرف أنها مجرد الماكياج المدني للدولة العسكرية التي يسيرها الجنيرالات، تتهم المغرب بإشعال الحرائق في منطقة القبائل، وكان المغرب بكل صدق وضع طائرتين متخصصتين في إطفاء الحرائق رهن إشارة الأشقاء قصد المساعدة، واليوم يتم اتهام المغرب ببجاحة غير مسبوقة في تاريخ الدبلوماسية، حيث تأتي في وقت يمد المغرب يده لجارته.
ما قامت به الجزائر يعتبر سابقة في تاريخ العلاقات الدولية، إذ إن الجزائر لم تعلن لحد الآن فتح تحقيق في الموضوع، حتى يمكن الحديث عن نتائج وعن المتورط في ذلك، وكي تتهم بلدا آخر عليك بفتح تحقيق تشارك فيه أجهزة دولية ذات مصداقية، لكن العسكر نام واستيقظ وقال إنه المغرب.
وتحدث بيان الرئاسة عن “الأعمال أو الأفعال العدائية” للمغرب تجاه الجزائر التي تقتضي إعادة النظر في العلاقات بين البلدين.
الأفعال العدائية مفهوم يحدده القانون الدولي، وهي أفعال تنطبق على الاعتداءات العسكرية المسلحة، أو المدنية التي تكون مساعدة للفعل العسكري، وتم توسيعها اليوم للأفعال التي تتم عبر التقنيات الإلكترونية، وهي كلها تحددها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وإذا تضرر بلد من أفعال عدائية لبلد آخر فإنه يرفع أدلته وحججه إلى المنتظم الدولي، غير أن ما قامت به الجزائر هو “افتئات” على مفاهيم يحددها القانون الدولي.
ليس من حق الجزائر، وفق القانون الدولي، اتهام المغرب بأفعال عدائية دون أن يكون ذلك عن طريق الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وإلا سيصبح القانون الدولي مجرد لعبة في يد جنيرالات لا يحسنون اللعب أصلا، أو “لعبهم خايب” بلغة المغاربة البليغة، إذا ما توفرت الجزائر على أية حجة ما عليها سوى مراسلة الأمم المتحدة، التي ستقوم باللازم، ولكن بما أن النظام العسكري يخاف من الورطة الدولية فإنه لن يجري تحقيقا أصلا.
لكن لماذا هذا البيان الملغوم؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟
إنه آلية للهروب من إحراج الشعب. لم يستطع النظام العسكري مجاراة المغرب، وبالتالي لم يبق أمامه سوى الهروب إلى الأمام، كي لا يرد على اليد الممدودة، وهي يد صادقة، فكثير من المبادرات لا قبل له بها، وكي يتخلص من تبعاتها أمام الشعب فر بهذه الطريقة البليدة.

Exit mobile version