Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الجواهري والتاريخ المالي للمغرب

قسوة الخطاب، الذي أطّر به عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، تدخله أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول تدابير بنك المغرب لمواجهة الأزمة المرتبطة بجائحة فيروس كورونا، توحي بأن الوضع المالي في المغرب في وضعية صعبة جدا، مما يتطلب ثورة في المجال المالي قبل الوقوع في “حفرة” الإملاءات الدولية من قبل الصناديق المعروفة، وهو خطاب لم يكن يردده مسؤول رسمي، بينما انقلبت اليوم الآية، ففي الوقت الذي تتوجه فيه الحكومة إلى الحلول السهلة عبر اللجوء إلى الاقتراض، وهي مكونة من أحزاب أطنبت في الحديث عن إملاءات الصناديق الدولية.
الفرق بين الخطاب، الذي يبحث عن مخرج والخطاب السياسي، هو اختلاف المصلحة، واختلاف وجهة النظر، فالجواهري، الذي كان يقدم عرضا تقنيا أحاط كلامه بفحوى النظام المالي حيث ركّز بشكل كبير على التاريخ المالي للمغرب، وهي رسالة واضحة مفادها أن من لا يعرف تاريخ بلاده في التخصص المعني لا يمكن أن يستشرف المستقبل.
تاريخ المال أصبح تخصصا يدرس اليوم في الجامعات الدولية، وهو عملية ضرورية لبناء تصور مستقبلي، فوالي بنك المغرب ليس غريبا عن هذا التاريخ ولم يقرأه في الكتب وإنما كان مشاركا فيه، واستأنف الحديث عنه من لحظة فرض التقويم الهيكلي على المغرب خلال حكومة المعطي بوعبيد، التي شغل فيها الجواهري وزيرا للاقتصاد والمالية.
وحتى لا ينسى وزراء اليوم ومنهم من كان معارضا للتقويم الهيكلي ومنهم من لم يكن يفكر حتى في السياسة حينها، قال للبرلمانيين بالعربية المغربية “أنا سجين سنوات التقويم الهيكلي، و”لهلا يجعل شي واحد يعيشها”، وأضاف “عملنا علاين 25 عام عاد طلعنا للتوازنات المكرو اقتصادية”، أي ربع قرن “مات اللي مات وعاش اللي عاش”.
الجواهري قال أيضا بنبرة محذرة أنه “حين تكون وزير دولة، وتذهب لدى الدائنين، يرسلون لك “سو شاف دو سرفيس”، “ويمسح فيك رجلو، ويبدأ في طرح الأسئلة عليك، كيف صرفت هذه؟ ولماذا صرفتها؟ كنت أتمنى أن أدخل بيتي، ونسد علي وناكل الخبز والزيتون، ومنعاودش نمشي نداكر فداك الأمر”، وختم قائلا “لا أتمنى لأي شخص أن يعيش نفس هذه الواقعة”.
إذا كان وضع المفاوض مؤسف للغاية فما بالك بوضع بلد بأكمله؟ حيث يتم فرض شروط مجحفة ترضي أصحاب المال والدائنين لكن على حساب المواطن وخصوصا الفئات المتوسطة والصغيرة.
تاريخ المغرب المالي في اللحظة التي نعيش نحن تبعاتها لخصها الجواهري في جملتين: الأولى هي طريقة الدائن في التعامل معنا، مع العلم أن الذي يمثلنا هو وزير دولة، والثانية هي الحاجة إلى 25 سنة من أجل خلق التوازنات الماكرو اقتصادية، بمعنى 35 سنة من التاريخ المالي للمغرب ضاعت في تدبير الأزمة، لهذا طالب دركي المال من الحكومة الابتعاد عن القروض والبحث عن أدوات أخرى حتى لا نضيع سنوات قادمة في تدبير أزمة أخرى.

Exit mobile version