Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الحرب والإعلام: سلطة رابعة أم خدمة لباقي السلط؟

Ukrainian servicemen ride on tanks towards the front line with Russian forces in the Lugansk region of Ukraine on February 25, 2022. - Ukrainian forces fought off Russian troops in the capital Kyiv on the second day of a conflict that has claimed dozens of lives, as the EU approved sanctions targeting President Vladimir Putin. Small arms fire and explosions were heard in the city's northern district of Obolonsky as what appeared to be an advance party of Russia's invasion force left a trail of destruction. (Photo by Anatolii STEPANOV / AFP)

إدريس عدار
تكشف الحرب عن خبايا ما كان مستورا. وبمنطق “الحاضر شاهدا على الماضي” يمكن فهم كثير من القضايا في التاريخ. أي حقيقة تلك التي يتضمنها كل ما كُتب في جهة ما من هذه الجغرافيا، إذا كان الإعلام والثقافة يتم التحكم فيهما؟ لماذا كان يتم النفخ كثيرا في المنشقين؟ لم نعش الماضي لكن نعيش تزوير الحقيقة كل وقت وحين. إذا لم نكن قادرين على الإمساك بالحقيقة الآن هل يمكن أن نمسك بحقيقة الماضي؟ أقصى ما يمكن أن نقوم به هو خلق نوع من العلاقة مع الحقيقة.
أوضحت الحرب الغربية الروسية الدائرة في أوكرانيا أن الإعلام أداة وظيفية في الحرب. ذات يوم اعتبر مالكوم إكس أن “وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض. لديها القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوّة، لأنها تتحكّم في عقول الجماهير”.
اللقب الذي أخذته الصحافة هو “السلطة الرابعة”. يعتقد كثير من مؤرخي الصحافة أن أول من أطلقه هو المفكر البريطاني إدموند بروك. كان ينظر إلى مجلس العموم البريطاني فقال هناك ثلاث سلط تحت سقف البرلمان، السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، غير أنه في قاعة المراسلين تجلس الرابعة وهي أهم من كل تلك السلط.
هل هذه هي الحقيقة؟ هل فعلا هي أهم سلطة؟ أليست كل السلط تحت سلطة خفية هي المال؟ كيف يمكن أن تنفك السلطة الرابعة من سلطة المال؟
يعيش العالم اليوم أجواء الحرب. هناك صحفيون وإعلاميون في الجبهات قصد نقل الخبر. وهم في وظيفة أكبر من وظيفة الجنود. لكن الصحفي بالنهاية هو يشتغل لحساب وسيلة إعلام معينة. هذه الوسيلة مملوكة لجهة مالية أو جهة حكومية. هذه الجهات منخرطة بشكل أو بآخر في الحرب. هل ستسمح الجهة المالكة بنقل الخبر الذي لا يخدم أهدافها؟ التوجيه مغالطة. بتر الخبر مغالطة. نقل جزء منه مغالطة. من سمح لوسيلة الإعلام بالتحكم في الخبر؟ قد تنقله أحيانا كما هو لكن طريقة عرضه وتوجيهه تخدم طرفا من أطراف الحرب.
القنوات العربية تقوم بدور كبير في نقل ما يجري اليوم بأوكرانيا. لكن انخراطها في العملية لا يختلف عن قيادتها للحرب الإعلامية في سوريا والعراق. يعني أنها تقوم بكل شيء إلا الحقيقة. قد يصبح الخصم شيطانا ماردا. يترك كل الأهداف العسكرية ليقصف مستشفى للأطفال. طبعا للأطفال وليس للكبار حتى يتم تعميق المأساة مثلما كان يحدث في الأفلام الهندية. ولا تخلو الحرب من الصناعة السينمائية. وصحفي يبغي لأنه رأى إمرأة تجر طفليها وهو نفسه يقصف بلغة حربية أطفالا يموتون بالقرب منه يوميا.
أما الموضوعية فهي لا تختلف عن “روايات ابن العوجاء” في التراث الإسلامي. ينقلون عشرات الأخبار من هذا المعسكر وفي نشرة من النشرات يستضيفون مراسلهم بعاصمة المعسكر الآخر. أو ينقلون لكلمة للرئيس أو الوزير. ابن العوجاء كان أفضل منهم. كان يصدق تسع مرات ويكذب واحدة. هم ينخرطون في الدفاع عن “إمبراطورية الكذب” ويصدقون مرة واحدة باسم الموضوعية والرأي والرأي الآخر.
فأي سلطة لإعلام موجه من قبل كل السلط إلا سلطته؟ التوجيه يفوق قدرات الصحفي والإعلامي وأحيانا يفوق الوسيلة الإعلامية برمتها. من يتحكم في منحك فرصة تصوير هذا المكان ودخول هذا الموقع والاطلاع على هذه الوثيقة والمنع من الوصول إلى مكان آخر؟

Exit mobile version