Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الحضور الأمازيغي في الخطاب الملكي

*محمد عفري
الحضور الأمازيغي في الخطاب الملكي للذكرى الثامنة والستين لثورة الملك والشعب هو من الحضور القوي للأمازيغية والأمازيغ في المغرب، إذ لم يٌفوت الخطاب الملكي فرصة التأكيد على التاريخ المغربي الأمازيغي ولم يزد عليه، لأنه تاريخ ضارب في القدم، لكنه حاضر في خريطة المغرب كاملة، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها. فالأمازيغي موجود في الريف كما هو موجود في تافوغالت في الشرق، بنفس الوجود في منطقة زمور، وفي وسط المغرب في ميدلت وإفران وخنيفرة وبني ملال وعين اللوح وآزرو، وغيرها في مناطق جبال الأطلس، وبنفس الوجود أيضا في مراكش والحوز وشيشاوة، وصولا إلى أكادير، عاصمة سوس وتزنيت، ووصولا إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة، عند الصحراء المغربية.
فالمغربي اثنان، إما عربي استُمزغ أو أمازيغي استُعرب، وهذا ليس قولنا ولا نؤكده، وإنما هو قول للعديد من الدراسات الاجتماعية والأنطروبولوجية للبنية السكانية للمغرب وتأكيد له بإعطاء العديد من الأدلة الدامغة والأمثلة والبراهين.
لا يهمنا اليوم من هو الأمازيغي أو العربي في البنية السكانية للمغرب، ولكن يهمنا المغربي الممتن بقيمه الوطنية والتاريخية والفكرية والدينية والثقافية لملكه المواطن الذي يتجدر، جلالته، هو الآخر في 12 قرنا من الحضور الضارب في تاريخ الدولة المغربية ويمتد إلى جده الأكبر، الرسول صلى الله عليه و سلم.
جلالة الملك حين اختزل الأمازيغية، في خطابه السامي، في كلمتين، ربطهما بتاريخ وعراقة الدولة المغربية وبِقدَم الملكية المواطنة ولُحمة العرش بالشعب، أقفل باب أدنى مقارنة بالأمازيغية الممتدة من الشرق عبر شمال إفريقيا، إلى أقرب الجيران في المغرب العربي وفنّد أن تكون مثار فتنة داخلية أو انزعاج لكل العلاقات المتعددة للمغرب مع كافة الدول الشريكة والصديقة من شرق الكرة الأرضية إلى غربها.
فالمغرب استبق التاريخ لمعالجة الأمازيغية، حيث شدد على جعلها مكونا حضاريا في الهوية الثقافية المغربية و رافدا من الروافد الأساسية لتشكيل الأمة المغربية كما أعلن على الأمازيغية لغة رسمية للمغرب بقوة الدستور، وذهب إلى أبعد من ذلك حين قنّن الأمازيغية لغة في المدارس، وأحدث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وعمل على تنويع الثقافة الأمازيغية بالبحث في الحضارة المغربية التي لا ترتبط في عمقها الضارب في غابر العصور بالثقافة الأمازيغية وحسب، و إنما بالثقافات الوندالية والرومانية والبزنطية والعبرية وغيرها من الثقافات التي متح منها المغرب وأنتج منها نموذجا متفردا لأمة وشعب متناغمين أشد التناغم، وعلى ارتباط وثيق بتوا بث الدولة وبالمؤسسة الملكية والعرش وإمارة المؤمنين.
عندما ذكر جلالة الملك الأمازيغي، لم يرد الذهاب بعيدا، وإنما أراد أن يؤكد بأن الأمازيغية في المغرب لا يمكن قياسها بقضايا الأمازيغية في الدول الأخرى، وبالضبط في الجزائر. لأن الأمازيغ في منطقة “القبايل” بالجزائر هم نمط حياة وعيش ولغة وارتباط واستقلال ملموس عن باقي مكونات الشعب الجزائري. فمطالبتهم بالاستقلال ينبع من طبيعة تكوينهم ومن وجودهم الجغرافي ومن إقصائهم وتهميشهم ولا علاقة لواقعهم بواقع الأمازيغية والأمازيغ في المغرب الذين بقدرما يشكلون رافدا لوحدة الهوية المغربية، فإنهم يشكلون نموذجا عالميا..

Exit mobile version