*الدكتور احمد الدرداري
اكبر خطأ في حياة سكان بعض مناطق الشمال هو أن التعاطي مع زراعة القنب الهندي لم يكن البديل الحقيقي بعد التخلي عن المنتوج الطبيعي الذي كان مرتبط بالكرامة والقناعة والحياة الهادئة ، مما نتج عن هذه الزراعة أزمة المياه بسبب ارتفاع الطلب عليها لسقي الكيف خصوصا في فصل الصيف رغم التساقطات السنوية المهمة التي تعرفها المنطقة، وهو ما دفع المواطنين الى البحث والتنقيب عن المياه الجوفية بواسطة شركات أجنبية وبدون رخص قانونية، كما اقترن ذلك بسرقة الكهرباء لتشغيل المضخات ذات قوة أكثر من حصانين لاخراجها واستعمالها في سقي نبتة الكيف لا سيما المسماة خردلة والتي تحتاج الى كمية كبيرة من المياه مقابل قطع بعض المواطنين للاشجار المثمرة مقابل توسيع مساحة زراعة الكيف … فاصبح لكل منزل عدة ثقب مائية وصلت احيانا لعمق أكثر من مائة متر بالتنافس للتمكن من المياه الكافية، وهو ما تسبب في تجفيف العيون الطبيعية وزادت حدة الصراعات حول منابع المياه، اضافة الى تنامي باقي الازمات ومنها ضياع مستقبل شباب المنطقة بحيث كثرت مذكرات البحث وزج بالعديد في السجون وضاعت فرص الدراسة على الكثير من ابناء المنطقة دون تحقيق الغنى المنشود و مع تراجع الاتجار الدولي للمخدرات تراجع الدخل وانخفض مستوى العيش، وكثرت الشكايات الانتقامية والكيدية وحل الاعتداء على العقار محل الاعتداء في قضايا المخدرات وانتشرت الافعال الاجرامية اغلبها لا تأخذ مجراها لارتباطها بالكيف .. وبعض السياسيين يعلمون كل هذه الامور ولا يفكرون في توجيه ومساعدة المنطقة اقتصاديا، بل هم المستفيدين من كل هذه الازمات لان لهم منافع ووساطات يقومون بها في ظل هذا الوضع المأزوم و تأذى منهم البعض بسبب حسابات سياسية … كما أنهم يخافون من فقدان الاصوات و المكانة السياسية الزائفة ان هم نصحوا الناس … و أمام هذه الوضعية و بعد التغيير الشامل لتوجه السلطات ومحاربتها لجريمة الاتجار في المخدرات، يتطلب مراجعة شاملة و من بينها مشروع تقنين زراعة القنب الهندي الذي يجب ان يقترن بالعفو العام واخلاء سبيل جميع المبحوث عنهم قضائيا، وادخال أفكار اقتصادية واجتماعية جديدة وبديلة تكون اسلم وانفع وأبقى لحياة المواطنين … وتتغير بذلك منهجية الحياة والتفكير ونمط العيش وتستفيد المنطقة على غرار باقي المناطق الوطنية من برامج ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يتضمنها النموذج التنموي .