Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الحكومة تضع المغرب في مفترق طرق

لم يعد لدى الحكومة مكان تهرب إليه من النقد. لقد ظهرت تقارير متعددة ومن مؤسسات مختلفة كلها تضع الحكومة في عين العاصفة. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المندوبية السامية للتخطيط، هيئة النزاهة ومحاربة الرشوة، وغيرها، واليوم جاء التقرير السنوي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي وضع تصنيف المغرب في المرتبة 120 عالمياً بمؤشر تنمية بشرية.
ومع كامل الأسف الشديد فإن هذا التصنيف يأتي بعد سنوات الأزمة أي بعد الخروج من مرحلة كورونا، بما يعني أن المغرب لا يتوفر على برامج حكومية لصناعة التعافي، فليس هناك أي تعاف بعد الجائحة، بل ما زلنا نعيش مترتباتها من حيث المعيشة والأسعار وضعف التنمية.
المؤشر المذكور له قياسات: التعليم والصحة والدخل. ثلاثة معايير فشلت الحكومة في الصعود بها إلى المستويات المتوسطة المعروفة عالميا. فالتصنيف يضع المغرب أمام تحديات كبرى في وقت يتسارع فيه العالم نحو التحول الرقمي وتوظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية.
قراءة التقرير تقول إن المغرب يقف اليوم على مفترق طرق استراتيجي، يفرض ضرورة اتخاذ خيارات حاسمة لتوظيف القدرات التكنولوجية في خدمة التنمية البشرية، لا في حد ذاتها فقط. ولم يخف التقرير أهم نقطه فيه وتتعلق بأهم التحديات التي يوجهها المغرب: محدودية قواعد البيانات الصحية، وضعف الوصول إلى بيانات سكانية وطبية منظمة وشاملة، وهو ما يعرقل تطوير نماذج فعالة للذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة.
لقد شكل اتساع الفجوة بين الدول في قدرة استخدام البيانات لاتخاذ قرارات صحية مبنية على الأدلة معضلة كبيرة، تقتضي ضرورة تطوير إطار قانوني وتنظيمي لحماية البيانات وإدارتها، مع الاستثمار في أنظمة المعلومات الصحية وسد الثغرات التقنية والإدارية في جمع ومعالجة المعطيات.
هل ستنصت الحكومة للتقرير؟ هل ستطبق توصياته ودعوته؟ التقرير حمل دعوة صريحة إلى تبني سياسات شاملة وعادلة في عصر الذكاء الاصطناعي، تقوم على إشراك المجتمع المدني والأطراف المعنية وصناع القرار، لضمان توافق التكنولوجيا مع احتياجات المواطنين الفعلية. كما شدد على ضرورة إدماج البعد الأخلاقي والحقوقي في تصميم الخوارزميات، وتفعيل آليات المساءلة في التعليم والصحة، وتعزيز الحماية الاجتماعية لتشمل البنى الرقمية، بما يضمن توزيعاً منصفاً لعوائد التقنية ويحد من التفاوتات القائمة.
ثلاثة معايير ينبغي أن تتقدم فيها الحكومة وإلا سنبقى في حدود المؤشرات المتدنية وسنبقى في ذيل الترتيب في وقت تتسابق فيه الأمم بمن فيها تلك التي كانت أقل منا مقدارا على اكتساب المهارات، التي تصنع التقدم.
تغيير الوضع داخل هذا المؤشر ليس مهمة مستحيلة ولكنه يتطلب إرادة حكومية لتضع قطار التنمية في سكته، والواقع يشهد أن الحكومة لحد هذا الوقت غير معنية بتاتا وإطلاقا بموضوع التنمية، الذي تحصره في تنمية قدرات وإمكانات “تجمع المصالح الكبرى” التي لا تنعكس على المجتمع وبالتالي لا تغير من المؤشرات شيئا.

Exit mobile version