في غياب رأسمالية وطنية ووجود رأسمالية ريعية، لا ننتظر من لوبي المحروقات أن ينظر إلى الأزمة، التي تحيط بنا ويقوم بالتضحية فقط على مستوى تخفيض الأرباح أو حتى عدم الربح، باعتباره هو أصلا ليس مخلوقا ليكون خادما للوطن، وكان منتظرا أن تكون الحكومة كابحا لجموحه الذي لا يمكن أن يقف في وجه شيء باعتباره مبني على الربح ولا شيء غير الربح، غير أن الحكومة أضحت هي الراعية له من جهة ومن جهة ثانية هي أيضا تتاجر مع الشعب، الذي من المفروض أن تكون موضوعة بصفة انتدابية لتدير شؤونه والميزانية المستخلصة من جيوب أبنائه.
لو وقعنا في فخ خطير جدا، قلنا في وقت سابق إن الأغلبية الحكومية هي نفسها الأغلبية البرلمانية، وفي غياب معارضة قوية موزعة بين حزب يلملم جراح الخسارة وآخر مطرود من الأغلبية، فإن الشعب أصبح ضحية للحكومة، التي تجمع الأغلبيتين دون أن تجد أمامها من يقف بالمرصاد لمخططاتها، والأخطر والأدهى أنها بعد جمع الأغلبية الحكومة والأغلبية البرلمانية جمعت أيضا تمثيل “تجمع المصالح الكبرى”.
الأغلبية البرلمانية في خدمة الحكومة والحكومة في خدمة “تجمع المصالح الكبرى”، والشعب ضحية للثلاثة، لأننا نقف اليوم أمام منعطف خطير تتعامل فيه الحكومة مع المواطنين كزبناء لدى شركة مفروض عليه أن يقتنوا البضائع بالأسعار التي يتم تحديدها، وعندما يحتج المواطنون، أو بعض البرلمانيين، ضد غلاء أسعار المحروقات، لا نسمع كلاما من الشركات الموزعة ولكن من الحكومة ممثلة في وزيرة الانتقال الطاقي، التي تتناقض في تصريحاتها وسط أسبوع واحد.
لماذا تدافع الحكومة عن لوبي المحروقات؟ ليس عيبا أن يكون رئيس الحكومة رجل أعمال ويستمثر في القطاع، لكن العيب أن يتصرف بقبعتين في اتحاد خطير ضد الشعب. فهو بصفته أكبر مستثمر في المحروقات، التف على المنافسة من خلال “النادي المغلق لموزعي المحروقات بالمغرب”، الذي لا يدخله داخل، واستعاد الموزعون ما كانوا يحصلون عليه من صندوق المقاصة عن طريق مضاعفة الأرباح.
كما أن أخنوش بصفته رئيس الحكومة مارس “التجارة الضريبية” مع الشعب. من غير المعقول في ظل الأزمة أن تلجأ الحكومة إلى الرفع من قيمة الضرائب على المحروقات لتبرح الملايير. كان بالإمكان اعتبار الأمر طبيعيا، لو أن عائدات الضرائب تم توظيفها للتخفيف من كارثة الغلاء.
هذا التحالف يعتبر من أخطر التحالفات اليوم في المغرب، حيث من المؤسف جدا أن يقود أخنوش الحكومة، التي عليها ومن واجبها مراقبة الأسعار حماية للمواطن من العسر والضيق، وأن يكون في نفس الوقت هو المتحكم في أسعار المحروقات باعتباره أكبر مستثمر في القطاع، وأخطر شيء هو أن يتحكم في الحكومة وفي السوق.
في غياب معارضة قوية توقف الحكومة عند حدها وفي ظل أغلبية تصفق للحكومة وحكومة تخدم لوبي المحروقات وباقي اللوبيات لم يبق إلا جلالة الملك ليوقف هؤلاء عند حدهم باعتباره هو الضامن لاستقرار البلاد والحامي للمواطنين في حكم الرعاية التي تحددها البيعة.
الحكومة ولوبي المحروقات ضد الشعب
