Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الخطاب الملكي: النقد الذاتي ومعرفة الإكراهات ووضع خطة المستقبل

 

تميز الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد بالوضوح والموضوعية، بعيدا عن منطق لا يوجد بين الأبيض والأسود شيء، فإن جلالة الملك قال كل شيء بوضوح وبموضوعية، حيث جاء الخطاب على شكل نقد ذاتي، هنا أخفقنا، وتحديد الإكراهات والعوائق، لكن لا يمكن لدولة من صنف المغرب، التي قاومت كل التحديات والمعيقات أن تقف مكتوفة الأيدي أمام الواقع، وبالتالي كانت رؤية جلالته واضحة راسمة لآفاق المستقبل دون تردد، ولم تكتف الخطة الملكية بالحديث عن عناوين كبرى ولكن تم تحديد الخطوات المستقبلية بدقة وببرنامج عملي وواقعي.

بعد حديث جلالته عن المنجزات النوعية، عقب على ذلك بكون ما تم إنجازه لا ينعكس على الواقع الاجتماعي، فقد قال جلالته “لقد أنجزنا نقلة نوعية، على مستو ى البنيات التحتية، سواء تعلق الأمر بالطرق السيارة، والقطار فائق السرعة ، والموانئ الكبرى، أو في مجال الطاقات المتجددة، وتأهيل المدن والمجال الحضري. كما قطعنا خطوات مشهودة، في مسار ترسيخ الحقوق والحريات، وتوطيد الممارسة الديمقراطية السليمة. إلا أننا ندرك بأن البنيات التحتية، والإصلاحات المؤ سسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها”.

لكن رغم ذلك فإن هناك ما يؤثر على هذه الحصيلة الإيجابية، هو أن آثار هذا التقدم وهذه المنجزات، لم تشمل، بما يكفي، مع الأسف، جميع فئات المجتمع المغربي.

ذلك أن بعض المواطنين قد لا يلمسون مباشرة، تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم، وتلبية حاجياتهم اليومية، خاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى. وعبر جلالته عن عطفه على الفئات افقيرة، ويتألم ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المائة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة.

وجوابا عن هذا الإشكال تم إعطاء أهمية خاصة لبرامج التنمية البشرية، وللنهوض بالسياسات الاجتماعية، والتجاوب مع الانشغالات الملحة للمغاربة. وهم جلالته هو العثور على الحلول المناسبة للمشاكل التنموية والاجتماعية. ولن يتأتى لنا ذلك، إلا بعد توفر النظرة الشمولية، ووجود الكفاءات المؤهلة، والشروط اللازمة، لإنجاز المشاريع المبرمجة.

وفي هذا الخطاب تقف على قمة النقد الذاتي، الذي لا تمتلك الحكومة والمؤسسات الجرأة مثله، حيث قال جلالته “لقد أبان نموذجنا التنموي، خلال السنوات الأخيرة، عن عدم قدرته على تلبية الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين، وعلى الحد من الفوارق الاجتماعية، ومن التفاوتات المجالية. وهو ما دفعنا للدعوة لمراجعته وتحيينه. إنني في الحقيقة، لا أميل شخصيا لإحداث اللجان الخاصة؛ لأنها أحسن طريقة لدى البعض، لدفن ا لملفات والمشاكل. ولكننا بادرنا لإحداثها في بعض القضايا، ذات البعد الوطني، كالجهوية والدستور، ومدونة الأسرة، وهيأة الإنصاف والمصالحة، وحرصنا شخصيا، على متابعة أشغالها؛ فكانت نتائجها إيجابية وبناءة”.

وكي يسير المغرب في الطريق الصحيح لابد له من تحديد التحديات والرهانات، التي ينبغي كسبها في أفق مغرب متقدم.

وأول تلك الرهانات هو رهان تو طيد الثقة والمكتسبات: لكونها أساس النجاح، وشرط تحقيق الطموح : ثقة المواطنين فيما بينهم ، وفي المؤسسات الوطنية، التي تجمعهم، والإيمان في مستقبل أفضل.

وثانيها هو عدم الانغلاق على الذات، خاصة في بعض الميادين، التي تحتاج للانفتاح على الخبرات والتجارب العالمية، باعتبار ذلك عماد التقدم الاقتصادي والتنمو ي، بما يتيحه من استفادة من فرص الرفع من تنافسية المقاولات والفاعلين المغاربة.

فالانفتاح، يقول جلالته، هو المحفز لجلب الاستثمارات، ونقل المعرفة والخبرة الأجنبية. وهو الدافع لتحسين جودة ومردودية الخدمات والمرافق، والرفع من مستوى التكوين، وتوفير المزيد من فرص الشغل. غير أن القيود التي تفرضها بعض القوانين الوطنية، والخوف والتردد ، الذي يسيطر على عقلية بعض المسؤولين؛ كلها عوامل تجعل المغرب أحيانا، في وضعية انغلاق وتحفظ سلبي .

بعد تحديد الإكراهات والمعيقات والرهانات حدد جلالته الخطة المستقبلية، عبر نموذج تنموي جديد وضع له أسسا واضحة عمادها الموارد البشرية الكفؤة.

 

 

Exit mobile version