Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الدار البيضاء.. المليارديرة الفقيرة!

في قلب المغرب النابض، حيث تلتقي الأحلام الكبرى بالتحديات اليومية، تقف مدينة الدار البيضاء أمام معضلة مزمنة: كيف لمدينة تملك ثروة عقارية تُقدّر بمليارات الدولارات، أن تستمر في الاستدانة لتُموّل مشاريعها الحيوية؟ سؤال بات يفرض نفسه بإلحاح في ظل تصاعد الحاجيات التنموية وتقلص الموارد التقليدية.

الدار البيضاء، هذه المتروبول التي لا تنام، تشهد توسعًا عمرانيًا وجغرافيًا هائلًا، لكن هذا التمدد يفرض تكلفة باهظة لا يمكن الاعتماد فيها فقط على المداخيل الجبائية التي بلغت سقفها، ولا على جيوب المواطنين التي أنهكها الضغط.

في المقابل، يوجد كنز عقاري هائل ظل لسنوات طويلة غير مستغل، بل ومُهمش بفعل غياب رؤية موحدة، وتنازع المصالح السياسية والمالية.

 

فوضى في التدبير، ارتجال في التسيير، وتعقيدات إدارية وقانونية، كلها عوائق جعلت هذا “الذهب العقاري” حبيس الأوراق والمصنفات، بينما تعاني المدينة من عجز تمويلي يعرقل نهضتها.

 

لكن يبدو أن الأمور بدأت تتحرك، أو على الأقل هذا ما يوحي به توجه المجلس الجماعي الحالي الذي بدأ يُمسك بزمام هذا الملف الثقيل. في لقاء مع “حسين نصر الله”، النائب الثاني لعمدة المدينة والمكلف بتدبير الممتلكات الجماعية، تبرز ملامح وعي جديد: الدار البيضاء لا يمكنها أن تظل “غنية في المحافظة العقارية، وفقيرة في حساباتها البنكية”، كما قالها بصراحة.

 

نصر الله، ابن عائلة من الوسط العقاري، وصاحب خلفية أكاديمية في تسيير المدن والعقار، يرى أن الوقت قد حان لتحويل هذا الأصل العقاري الضخم إلى رافعة حقيقية لتمويل المشاريع الكبرى، خاصة في أفق استحقاقات ضخمة كاحتضان كأس العالم وكأس إفريقيا للأمم.

 

في تحقيق بثته قناة “ماتين تيفي”، تحت عنوان “زرنا من أجلكم”، كُشف النقاب عن ثلاثية معقدة من العراقيل: تشابك المصالح، انعدام الشفافية، وتردد سياسي في الحسم. لكن الرسالة كانت واضحة: لا مستقبل للتنمية في الدار البيضاء دون إعادة النظر الجذرية في تدبير ثروتها العقارية.

 

فهل تنجح الدار البيضاء أخيرًا في كسر قيود البيروقراطية وفتح أبواب الاستثمار الحقيقي في أصولها؟ أم أن المليارديرة الفقيرة ستظل تُراكم الديون، وهي تجلس فوق جبل من الذهب؟

 

الأسابيع والأشهر القادمة كفيلة بالإجابة.

 

 

Exit mobile version