Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الدرداري يكتب: محاولة الانقلاب في الأردن : الحسم بالتغيير الشامل للاتساق

*الدكتور أحمد درداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات.
ان محاولة الانقلاب في المملكة الأردنية التي سرعان ما تم نفي ما أثير بشأن ولي العهد السابق وقيام الجيش الأردني بإصدار بيان رسمي يوضح الأمر، وتوالي رسائل الدعم عربيا ودوليا لقرارات العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين.
وقد سارعت المملكة العربية السعودية كأول دولة تصدر بيانا بشأن قرارات الاعتقال، حيث أكدت المملكة العربية السعودية وقوفها التام إلى جانب المملكة الأردنية الهاشمية ومساندتها الكاملة بكل إمكاناتها لكل ما يتخذه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين والأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد من قرارات وإجراءات لحفظ الأمن والاستقرار ونزع فتيل كل محاولة للتأثير فيهما.
كما أصدرت الرئاسة المصرية بيانا تعرب فيه عن تضامن مصر الكامل ودعمها للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة وقياداتها الممثلة في الملك عبدالله الثاني بن الحسين حيث أعلنت عن التضامن والتأكيد على الحفاظ على أمن واستقرار المملكة ضد أي محاولات للنيل منها، وأن مصر تؤكد أن أمن واستقرار الأردن جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي.
وتوالت الرسائل العربية الرافضة للمساس بأمن المملكة الأردنية الشيء الي يثير إمكانية تفسير الوضعية بالاحتكام الى نظريات علم السياسة وعلم الاجتماع وعلم المناهج كما يلي :
بالعودة الى مفهوم السلطة التقليدية نجدها تقوم على الاعتقاد بقدسية التقاليد الراسخة او احترامهما دون قدسية ، سواء المستمدة من التاريخ او مكانة الأشخاص الحاكمين، وحينما تريد ان تركز على ولاء الناس والاتباع لشخصية معينة بكونها تتمتع بامتيازات وقدرات نادرة وخصائص شخصية تحاول إظهارها بين الفينة والأخرى، حتى وان كانت مهمة في بعض المجتمعات، الا انها في مثل مجتمع الأردن لن تعد مهمة بالقدر المألوف نظرا لتطور تدفقات العولمة وقدرات الاختراق للأنظمة التقليدية حيث تم إضعاف الدين كمغذي لمثل نظام الملكية الأردنية التقليدي وأخذت طابعا سياسيا جعل الدولة بنية اجتماعية لم تعد مرتبطة بواقع الحكم و استخدام القوة العمومية، لكونها فشلت في فرض النموذج المميز للثقافة الأردنية، وأصبحت بذلك الدولة غير مرتبطة بنسقها الخاص بها كنظام. وهو نفس الشيء الذي حصل للثقافة كبنية والشخصية كبنية والنتيجة هي عدم القدرة على التنبؤ بما سيطرأ على البنية والواقع من تغيير ، وان أي مساس بأحد عناصرها يؤدي الى شلل باقي العناصر الاخرى .
وبالعودة الى النظام السياسي في شقه التقليدي نجد وظائفه المطلقة لم تعد تواكب التحول، وبالنسبة لوظائفه النفسية الاجتماعية فانه اذا استطاع ان يراعي الرغبات المثارة داخل الجماعات المختلفة والأجزاء الاجتماعية يمكن ان يحقق نسبيا نوعا من الاستقرار الطويل الأمد.
لكن أفضل وظيفة يمكن تثبيتها هي التي يحرص من خلالها على توفير شروط منها:
– التعامل مع التنظيمات الاجتماعية كالكائنات الحية وتوفير احتياجاتها.
– الحرص على توازن النسق السياسي وتوفير حاجياته الأساسية.
– التركيز على اجزاء النسق لانها مصدر الضرر به او فقدانه توازنه .
– التفكير في تغييرات أو بدائل لتلبية حاجات النسق السياسي.
ومن جهة اخرى فان الاعتماد على التحليل الوظيفي والنظامي يسمحان بالوقوف عند الثقافة باعتبارها الكل المكون من اجزاء متعارضة وفي نفس الوقت تتمتع هذة الأجزاء باستقلالية، والتكامل يتم عن طريق عقد اجتماعي وسياسي ينظمه دستور الذي يفصل الأنشطة والانساق ومتى تستخدم القوة في التنظيم السياسي.
فالعناصر الاجتماعية والثقافية بالنسبة لتنظيم الدولة السياسي قد تكون وظيفية لمجموعات وقد تكون ضارة لمجموعات اخرى ..
فهناك ضغوطات يمارسها البناء المجتمعي على مركز السلطة وقد تضر بالأهداف المحددة ثقافيًا وعلى الأنساق النظمية لتحقيق هذه الأهداف.
وعليه فان الماكينة السياسية تسائل سبب إفراز سلوكات استهداف شل النسق هل بهدف التغيير الجذري للنظام ام فقط لتحقيق رغبات مادية لم تقدر الدولة الرسمية على تحقيقها.
ان تثبيت نظام الدولة في محيط إقليمي متصارع يتطلب تثبيت النسق الاجتماعي وتحديد مراكز النفوذ بشكل متمايز وتنظيم العلاقات بينها وفق معايير وقيم مشتركة ومراعاة الموضوعات الثقافية ، يمكن معها الانتقال الى مستوى التنميط بما يرصد ويمنع تهديدات الاختراق للنسق.
كما ان البحث الأمني العميق والتفسير الكافي سوف يؤدي الى اكتشاف أسباب الصراع والتضاد بين مكونات السلطة والثقافة ونقيضيهما، والوقوف بالتشخيص عند اصل المشكل وربطه بأصل الدولة والقانون وعلاقتهما وأغراضها ووظائفهما ، ذلك ان الرابط السببي لمحاولة الانقلاب يهدف الى تجاوز الخط العقدي الهيجلي او الخيانة بالمفهوم الديني ، فكلما تحول الصراع باسم الدولة الى الصراع داخل الدولة ينبئ بانهيارها.
ومواجهة الأزمة تتطلب تعميق التفكير والتدبير وليس الاكتفاء بالإعلان عن الرفض للمساس بالملك والوطن، كما جاء خلال جلسة خاصة لمجلس الأمة الأردني بمناسبة مئوية الدولة الأردنية اليوم الأحد فقال رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات إن “بلدنا حسم بالأمس بشكل صارم محاولة المساس بأمننا واستقرارنا”، واستدرك بالقول إن “نظامنا الهاشمي عصي على التآمر والفتن”، وفق تعبيره قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز في الجلسة ذاتها إن الأردن “سيتصدى بحزم لكل يد مرتجفة تسعى للعبث بأمنه”، لافتا إلى أن “الأردن والملك خط أحمر”.
وفي تصريح للجزيرة عقب الجلسة، قال الفايز إن الأردن “مستهدف، وهناك أيد خارجية تحاول زعزعة استقراره”، مؤكدا أنه “لا أحد فوق القانون”.
من جانبه، قال توفيق كريشان نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الإدارة المحلية، خلال جلسة مجلس الأمة إن “الأردن لم يشهد يوما تصفية لمعارضة، ولا إلغاء أو إقصاء لمكون سياسي”، مؤكدا أن “الأردنيين استطاعوا عبور كافة الأزمات التي مر بها وطنهم”.
لا تنتهي الأزمة بإعلان مواقف منددة وإنما بإعادة تنميط النظم الاجتماعية والسياسية كأجزاء مكونه لنظام الدولة ونسقها السياسي.

Exit mobile version