Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الدعم “فيه وفيه”

لماذا تدعم الحكومة أرباب النقل دون غيرهم؟ هم مستحقون لذلك، لكن لماذا لا يتم دعم فئات أخرى أيضا؟ هل هذه الفئة وحدها المتضررة؟ أي معيار اتخذته الجهات المسؤولة لاقتطاع جزء من المال العالم وتخصيصه لأرباب النقل؟
لن نكون أبدا ضد أي دعم معقول تصدره الحكومة لأية فئة اجتماعية تضررت نتيجة الأزمة العالمية، الناتجة عن تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، بل إن دور الحكومة هو إيجاد حلول لكل الفئات التي عانت وتعاني من مخلفات الأزمة، فحتى المجتمعات التي لا تعرف الهشاشة قامت الدولة بالتدخل لإنقاذ فئات المجتمع.
ليت لدى الحكومة مستوى من مستويات التفكير الملكي، لكنا حينها في حال جيدة، حيث تدخل جلالته عندما ألقت الأزمة بكلكلها على المجتمع وأرخت بسدولها وأظلمت الدنيا في وجه كثيرين ممن فقدوا شغلهم نتيجة الإغلاق العام، وأعطى أوامره من أجل تكوين صندوق دعم خاص تم من خلاله تعويض ستة ملايين مغربي متضرر، وكان المعيار هو فقدان الشغل وعدم التوفر على ضمان اجتماعي قادر على التعويض المؤقت.
لكن بأي معيار يتم دعم فئة دون أخرى؟ بأي مقياس يتم منح المال العام لأرباب النقل والمتضررون كثر؟ ليس أرباب النقل وحدهم من يستهلك المحروقات، وبالتالي فكل من لديه سيارة فهو متضرر، لأنها وسيلته الوحيدة للتنقل ولو وجد عنها بديلا لركنها إلى أن تفوت “عجاجة الزيادات”، ولكن لا مفر من استعمال السيارة، وبالتالي كل صاحب سيارة هو متضرر.
لقد تم اعتماد معيار وحيد خوفا من انهيار سوق المحروقات، باعتبار أن أرباب النقل منتظمون في نقابات وجمعيات، وكما يقول عالم الاجتماع الإنجليزي توم بوتومور “الأقلية المنظمة تؤثر في الأغلبية غير المنظمة”، ولهذا رغم أن أرباب النقل هم أقلية من بين مستعملي المحروقات، غير أن “كبير تجار المحروقات”، أي رئيس الحكومة نفسه، خاف وتخوف من انتقال عدوى المقاطعة إن تحققت من الفئة المنظمة، أي أرباب النقل، إلى الفئة الغالبية غير المنظمة، وحينها سيخسر كل شيء، ليس بصفته رئيس الحكومة ولكن بصفته واحدًا من أباطرة المحروقات، الذي تسيطر شركاته على حوالي 40 في المائة من القطاع.
إذن الحل ليس في دعم أرباب المحروقات، لأن ذلك لن يغني المواطن من جوع، ولن يرفع عنه ثقل وأعباء الغلاء الفاحش، فالحل كما طرحناه أكثر من مرة وأكثر من لحظة، هو في اتخاذ خطوات جريئة، وعلى رأسها تخفيض الضرائب عن استيراد المحروقات، وهي ضرائب يؤديها المستهلك، وتخفيض أرباح الشركات الموزعة، وبعضها ينبغي أن يبيع بسعر التكلفة، مادام راكم أرباحا طائلة طوال سنين عديدة والاستفادة من المال العام، وهذا هو مفهوم الشركة “المواطنة”، لكنها مع كامل الأسف غير موجودة فما يهم “تجمع المصالح الكبرى” اليوم هو الربح، وحتى الدعم يتحكم فيه معيار الربح.

Exit mobile version