Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الرئاسة بـ”الوكالة”…ديناصورات السياسة دفعوا بأغرار للمسؤولية

الانتخابات التي جرت لاختيار رؤساء الجماعات ظهرت فيها غرائب كثيرة. وهي جزء من استسهال المسؤولية، ومع كامل الأسف الشديد أنه في دستور “ربط المسؤولية بالمحاسبة” أصبحت المحاسبة شكلية. استسهال رئاسة الجماعات ليس اعتباطيا ولكننا نرى أنه مدفوع من قبل ديناصورات الانتخابات الذين لا يريدون الظهور في الساحة، لكن يدفعون من يستطيعون التحكم فيهم.
الجماعة ليست شأنا بسيطا، ومرة سئل الملك الراحل الحسن الثاني، عن المهمة التي يتمنى أن يقوم بها لو لم يكن ملكا، فرد رحمه الله: مستشار جماعي، لأنه يعرف أن الجماعة هي وجه البلد، باعتبار أن الجماعات تدير الشأن المحلي وهي تدبير للمال العام، وبالتالي ينبغي أن يقوم عليه من يكون به حافظا وأمينا.
فما معنى دفع شابة لم تكمل عقدها الثاني إلى رئاسة جماعة؟ ما معنى دفع شخص يدخل أول مرة للجماعة للرئاسة؟ أليس في الأمر لبس كبير؟
شابة موقعها الرئيسي هو صفوف الدراسة في الجامعة أو حتى في الثانوية تقود جماعة ترابية بما يعني ذلك من التصرف في ميزانية الجماعة، رغم أنه لا تعرف تدبير وتسيير شؤون بيت عائلتها إن تولتها وقد تصرف راتب والدها في الأيام الأولى من الشهر، فكيف بجماعة لها ميزانية وتعقد صفقات وتصدر “أذونات”.
مستشار جماعي قادته الصدفة ليكون مرشحا في الانتخابات المهنية فضحكت له الدنيا فأصبح رئيسا لغرفة، وبما أن “الخير يأتي مرة واحدة” ترشح للانتخابات الجماعية فأصبح مستشارا وزادت الدنيا فقهقهت له وهو اليوم ليس رئيسا فقط ولكنه عمدة لمدينة مهمة. وخبراء العمل الترابي يعرفون من دفعه، وهو شخص اختار أن يكون برلمانيا دون “صداع رأس”.
سياسي كبير فاز بمقعد برلماني ويبحث عن منصب وزاري استطاع أن يجعل يده اليمنى عمدة لمدينة مهمة في إطار هندسة جديدة لرئاسات ب”الوكالة”.
فما الذي يجعل “من هب ودب” يطمع في الرئاسة؟ بلا شك هو ضعف المراقبة وعدم فعالية المفتشية العامة لوزارة الداخلية، ولو كانت هناك محاسبة قوية لفر من المسؤولية الكل إلا قلة قليلة.
في جماعة ترابية صغيرة قرب مدينة تمارة، غير بعيد عن العاصمة الرباط، رفض الرئيس الجديد التوقيع على تسليم السلط، لأن الحساب الإداري غير واضح، ومن غرائب الجماعة الصغيرة جدا أنها استهلكت حوالي 160 مليون سنتيم غازوال، رغم أنها لا تتوفر على آليات كبيرة تستنزف المحروقات، وتبين أن رئيس الجماعة يؤدي تعويضات 100 شخص من المسجلين في الإنعاش الوطني وهو لا يشغل سوى 40.
هذه جماعة صغيرة فما بالك بجماعات كبيرة وخصوصا التي يتم تسييرها في إطار وحدة المدينة كالدارالبيضاء والرباط وطنجة ومراكش وغيرها؟
الجماعات يتم تسييرها بالمال العام وهو مال المغاربة، فأي درهم يتم صرفه في غير حقه فهو اعتداء على حق جميع المغاربة. نحن في المنعطف. إما الصرامة في حماية المال العام أو الانهيار بتكلفته الاجتماعية.

Exit mobile version