Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الرجاء والدبلوماسية الموازية

محمد عفري
المكالمات الهاتفية التي يتفضل جلالة الملك بإجرائها مع الفرق والمنتخبات المغربية فور تحقيقهم أيَّ إنجاز رياضي، كما حظي بها الرجاء البيضاوي السبت الأخير بعد إحرازه كأسَ الاتحاد الإفريقي، أصبحت مألوفة لدى الرياضيين والرأي العام الرياضي والمواطنين، ينتظرونها بشغف منقطع النظير، لأنها بقدر ما تشكل رضىً ملكيًا ساميًا، تعتبر أيضا حافزا معنويا استثنائيا وفخرا لهم ولذويهم، شأنها شأن برقيات التهاني التي يعطف بها جلالته عليهم وفي طياتها العبارات السامية للفخر والثناء على الروح الرياضية التي هي من روح الوطنية، والتشجيع على المزيد من التمثيل المشرف للمملكة.
ما ليس مألوفا في الفوز الذي حققه الرجاء البيضاوي أمام شبيبة القبائل الجزائري مساء السبت الأخير، أنه في سابقة، هي الأولى من نوعها في تاريخ الرياضة الوطنية وكرة القدم المغربية، سارعت وزارة الخارجية، إلى تهنئة فريق الرجاء البيضاوي الذي أحرز لقبه الثالث من كأس الكاف على حساب فريق شبيبة القبائل الجزائري، في مباراة نهائية جمعت بينهما، بملعب الصداقة بكوتونو البنينية، ليرفع رصيده من الكؤوس الإفريقية بما فيها كأس “رابطة الأبطال الإفريقية” وكأس “الاتحاد الإفريقي” وكأس “السوبر الإفريقي” إلى تسعة ألقاب، ليكون أول الفرق المغربية بهذا الرصيد المحترم الذي يشرف الكرة المغربية والرياضة الوطنية داخل القارة الإفريقية..
وزارة الخارجية خصّت الرجاء البيضاوي بهذه التهنئة على صفحتها الرسمية على الفايسبوك باللغتين العربية والفرنسية حيث كتبت عبارة مرفقة بصورة رسمية للفريق “مبروك لفريق الرجاء البيضاوي التتويج بكأس الكونفيدرالية الإفريقية”..
ما حققه الرجاء البيضاوي من إنجاز، مساء السبت الأخير، يستحق الثناء والتهنئة من كل المؤسسات والهيئات، لأنه إنجاز جاء في ظرفية خاصة. أوّلا، كونه ضد فريق جزائري أعدت له الجارة من العدة الرياضية والمالية وغيرهما ما استطاعت، ومن الشحن النفسي المبالغ فيه، سواء من طرف السلطات الرسمية أو من الإعلام المحلي، لكسب الرهان على ممثل المغرب، لكن من دون أن تفلح أمام رزانة لاعبي الرجاء وتفانيهم في الذَّوْدِ عن ألوان القميص والعلم الوطنيين، علما أن سلطات الجزائر وإعلامها، بادروا منذ صعود الرجاء البيضاوي لملاقاة شبيبة القبائل الجزائري في المباراة النهائية، إلى تحويل هذه المباراة من طابع التنافس الرياضي إلى طابع المعركة الذي يطغى عليه “تصفية حساب” سياسي ودبلوماسي. ثانيا كونه جاء في سلسلة الانتصارات التي حققها المغرب خلال الأشهر الأخيرة في قضيته الوطنية الأولى، الصحراء المغربية، بدءًا بتحرير معبر الكركرات الحدودي لفائدة حرية النقل الطرقي والتنقل التجاري المدني، بأمر من جلالة الملك بصفته القائد الأول للأركان، وبطريقة سلمية ومتحضرة، نالت الإشادة الدولية والإجماع الأممي، مرورًا بالاعتراف الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية من طرف إدارة ترامب بمغربية الصحراء وانتهاءً عند تأكيد هذا الاعتراف مؤخرا من طرف إدارة بايدن.
المتأمل لمسار فريق الرجاء البيضاوي في كأس الاتحاد الإفريقي التي أحرزها السبت عن جدارة واستحقاق، رغم المعاناة التي لاقاها من حيث إكراهات الموارد المالية والبشرية بموازاة مع توهجه الرياضي على الصعيد المحلي، والمتأمل لمساره في الكؤوس الإفريقية التسعة التي أحرزها منذ 1989 إلى الآن، يدرك حجم الدبلوماسية الموازية التي ظل يلعبها هذا الفريق ذو الإشعاع القاري والصيت العالمي بموازاة مع توجهات المغرب بقيادة الملك محمد السادس في القارة الإفريقية على الصعيد الاقتصادي والتنموي والسياسي والدبلوماسي والأمني والديني والرياضي. لقد صدق من قال إن الرجاء البيضاوي هو الفريق المغربي الوحيد الذي ساير توجهات المغرب في القارة الإفريقية، إذ بإحرازِه اللقبَ القاري التاسع أتقن لعبة الدبلوماسية الموازية وساير نهج قائد البلاد تُجاه القارة الإفريقية بمفهوم جنوب – جنوب وفلسفة رابح ــ رابح، ما يحتم على باقي الفرق الرياضية أن تحذو حذوه، وهو الذي استحق أن يكون في إطار تمثيل المغرب، خير سفير للمملكة، على حد نصائح الراحل الحسن الثاني للرياضيين في ترحالهم للمنافسات الرياضية الخارجية، حيث كان يعتبرهم سفراء للمملكة، ويحثهم على أن يكونوا سفراء فوق العادة، الشيء الذي أحسن الرجاءُ البيضاوي إتقانَه بل أصبح صفة خاصة به، دون غيره من باقي الفرق المغربية، لحد الآن..

Exit mobile version