Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الزلزال… بين المحنة و المنحة

لا يمكن للإنسان الذي عاش لحظات وبعضا من هلع الزلزال، إلا أن يستحضر عظمة رب العالمين في كونه، ويأخذ بعضا من الوقت للتفكر و التدبر في القدرة الإلهية التي حركت الأرض من تحت أقدام البشر، و حولت البيوت الى ركام و غيرت معالم الجغرافية في ثواني معدودات، وزعزعت الجبال و فجرت ينابيع المياه، وملئت الوديان ماءا، بعدما عم الحزن و الألم على شهداء الزلزال، التفكر و التدبر عبادة في حد ذاتها و استعمال للعقل و الفكر بكل تجلياته، وانتصارا للإنسان في انسانيته و انتصارا لوجودية الإنسان على هذا الكوكب.
و لعل المتدبر لأمر الزلزال و ما تلاه من هبة إنسانية و تضامن بين مكونات المجتمع المغربي و تضامن عالمي مع هذه الأرض الطيبة، ليجعلنا نقف وقفة تأمل في هذه البلاد، التي حباها رب العالمين خصائص متفردة في العالم، وجعلها محبوبة بين أقطار الدنيا، فها هي الدول تتسابق لتقديم الدعم و المساعدة و ها هم فرق رياضية يتسابقون للتكفل بأطفال يحبون فرقهم وهاهم فنانون دوليون يجمعون التبرعات لإرسالها للأهالي في أعالي الجبال، دائما المغرب يعلم العالم معنى القيم النبيلة في التضامن و الإنسانية و العيش المشترك ، ومن التفكر أن نتدبر في هذا الأمر الذي حبانا الله عز و جل المحن ومعها المنح في التآزر و التضامن و المحبة.

لاشك أن الكون خلق من محبة إلهية و كل أمر يمتزج فيه المحبة و التضامن و الإحسان يباركه الله، و يجعل فيه ما لم يجعله في أمر آخر، وقد فسر ذلك في ايات الله بالدعوة الى الاحسان و الزكاة و الصدقة و جعلها من اقرب العبادات و اقوى الأعمال و أحبها الى الله، هي أمور نتفكر فيها و نتدبر بعضا منها حسب علمنا المتواضع، فقيمة العقل أجل قيمة منحها ربي العالمين لبني الإنسان في هذا الكون.

قد يكون الحديث يحمل طابعا صوفيا أكثر منه تحليليا، فاللحظة فرضت ذاتها و الفاجعة حركت القلوب و أزالت عنه بعضا من غبار الأيام التي جعلت الناس يتيهون في الدنيا ينغمسون في أعمالها وصراعاتها و مادياتها ، حتى تأتي لحظة الحقيقة التي تهمس في أذن الإنسان على أنه اضعف مخلوق في هذه الدنيا، وتدعوه لترك التكبر و الحقد و الحسد و النظر بتشائم الى الحياة، و استحضار عظمة الكون و العمل و التضامن و المحبة، ونبذ الكراهية و الظلم و العنف والانتصار للعيش المشترك بين بني البشر و التعاون و التآزر .

و محنة الزلزال لا شك أنها تحولت الى منحة ربانية في إعمار البيوت وجعل المنطقة مكانا للعيش الكريم، وفرصة لأطفال و يتامى للإستمرار في الدراسة و جعلهم مكفولي الأمة مع امتيازات كبيرة، بالفعل الزلزال محنة لكن هنا يمكن ان نستحضر أيضا قوله عز وجل ان مع العسر يسرا، وتلك قاعدة اساسية في قضاء رب العالمين الذي ربط كل عسر بيسر بعده لرحمته بعباده فهو الرحمان العزيز الكريم…

Exit mobile version