Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الزلزال والإعلام كخدمة عمومية

في الأحداث الكبرى نكتشف الحاجة إلى العديد من المؤسسات، وتقتضي الضرورة فتح نقاش حولها، في الزلزال الأخير كما في أحداث أخرى اكتشفنا الحاجة إلى الإعلام الحقيقي، فمباشرة بعد الزلزال شرعت بعض الأقلام المغرضة وبعض الباحثين عن البوز ممن يسمون المؤثرين في نشر الأخبار الزائفة، وهي الأخبار التي خلقت رعبا لدى المواطنين، في غياب تواصل حقيقي من قبل الحكومة، الجهاز التنفيذي المسؤول عن طمأنة الناس، وظل الإعلام العمومي في غيه سادرا مع سهرات وغيرها، دون إرشاد الناس للحقيقة.
كثير من الناس ليس لهم القوة على التمييز بين الصحيح والخطإ ويصدقون ما يقوله هؤلاء. خصوصا من يمتلكون قدرة على الخطابة. عندما يصبح هؤلاء هم مصدر الخبر تصبح الدنيا في خطر. يمكن أن يطلع تافه من جماعة “روتيني اليومي” ليقول إن هناك إنذارًا بالزلزال فيخرج الناس إلى الشارع.
وهذا ما حدث فعلا إذ كثير من الناس باتوا في الشارع يتوسدون الأرض ويلتحفون السماء فقط لأن بعض التافهين من جماعة روتيني اليومي بثوا فيديوهات تتحدث عن زلازل ستتوالى وربما أعنف من السابق.
الأخبار الزائفة لا تكتفي فقط بإزعاج الناس، ولكن قد تؤثر على الطمأنينة العامة والسلم الاجتماعي وقد تؤدي إلى الفوضى.
وهنا نصل إلى بيت القصيد.
في الملمات والشدائد يظهر الإعلام الحقيقي المبني على المهنية، فحتى لو ارتكب أخطاء يعود إلى أصله المهني، بينما إعلام الضجيج ومواقع التواصل الاجتماعي فهي تنشر الإشاعات بشكل كبير، وينبغي هنا التنويه بوكالة المغرب العربي للأنباء، التي أضافت خدمة جديدة تتعلق برصد الأخبار الزائفة، وهي مهمة للغاية، وإن كانت بعض وسائل الإعلام تنخرط أيضا في التزييف، لكنها تذوب وسط الإعلام المهني باختلاف مكوناته وباختلاف قدراته وملكات صحفييه وإعلامييه، لكن في الحد الأدنى هناك احترام للحدود الدنيا لأخلاقيات المهنة.
من هنا جاءت تسمية الإعلام خدمة عمومية. ماذا تعني؟ أن هذا القطاع العام منه والخاص يقدم خدمة للعموم دون أن يحصل من ورائها على عائدات مباشرة، بمعنى يبيع المعلومة الصحيحة لكن بشكل مجاني، لهذا اختارت بعض الدول مثل السويد مثلا تخصيص جزء من الضرائب العامة لتمويل الإعلام بشتى أصنافه.
فالإعلام العمومي هذا يمول ضرورة من الميزانية العامة، ويطرح هنا إشكال الإشهار، لأنه في العالم وسائل الإعلام التي يمولها الشعب لا يسمح لها بتمرير الإشهار وبالتالي ليس مفروضا فيها البحث عن المشاهدين ولكن تقديم المعلومة والمعطيات الصحيحة، ونشير مرة أخرى إلى أن القناة الأولى تتوفر على طاقات جيدة ظهرت في الميدان وفي التغطيات المباشرة وأظهرت قدرات على المنافسة مع باقي الزملاء في القنوات الدولية، لكن القناة تفتقد فكرةَ البلاطو الجيد، لكن أيضا هناك الإعلام الخاص ولا يخرج عن نطاق الخدمة العمومية وبالتالي ينبغي دعمه بشكل يضمن له استمرارية لأنه حاجة مجتمعية قبل كل شيء وإلا سيبقى مروجو الأخبار الزائفة وحدهم في الميدان.

Exit mobile version