نظّم المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، التابع لأكاديمية المملكة المغربية، اليوم الجمعة، يومًا دراسيًا حول موضوع “السردية الوطنية المغربية”، بمشاركة نخبة من الباحثين والأساتذة الجامعيين المتخصصين في التاريخ، الأنثروبولوجيا، والعلوم السياسية.
في كلمته الافتتاحية، أوضح مدير المعهد، رحال بوبريك، أن السردية الوطنية تعكس رواية الأمة لماضيها، بما يشمل الأحداث التاريخية، الشخصيات البارزة، التقاليد الثقافية، والرموز الوطنية. وأشار إلى خصوصية السردية المغربية، التي تأثرت بدور الحركة الوطنية في مقاومة المستعمر، لتتعزز مع الاستقلال وتتحول إلى أساس لسردية الدولة الوطنية.
وأضاف بوبريك أن السردية الوطنية تُستثمر في المناهج التعليمية، الخطب السياسية، والاحتفالات الوطنية بهدف تعزيز الوحدة الوطنية ونقل القيم المشتركة. وأكد أن هذه السرديات ليست ثابتة، بل تتطور استجابة للتحولات السياسية والاجتماعية التي تواجه الأمة.
وشهد اللقاء تدخلات أكاديمية متنوعة، أبرزها مداخلة أستاذ التاريخ الاقتصادي بجامعة عبد المالك السعدي، الطيب بياض، الذي شدد على ضرورة الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في صياغة السرديات الوطنية، معتبراً أن صياغة سردية مغربية موثوقة تتطلب معالجة علمية متجردة من الانحيازات الذاتية.
من جانبه، تناول أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس، عبد العزيز الطاهري، دور السردية الوطنية في مواجهة الأطروحات الاستعمارية. وأكد أن هذه السردية كانت وسيلة لدحض الروايات التي حاولت تقويض الهوية المغربية وإثبات العمق التاريخي للوطنية المغربية.
وتضمن اليوم الدراسي مداخلات عدة تناولت موضوعات مثل “المغرب القديم في الاسطوريوغرافيا المغربية المعاصرة”، و”سردية الشخصية المغربية وسؤال الموضوعية”، إلى جانب “الذاكرة والهوية: قراءة في السردية الوطنية زمن الحماية”. كما ناقش المشاركون مكانة السردية الوطنية في الكتب المدرسية، وتأثيرها في المجالات السياسية والإعلامية والأدبية.
يُذكر أن المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب يسعى إلى ترسيخ الهوية المغربية وتعزيز الذاكرة الجماعية من خلال البحث العلمي المتعمق حول تاريخ المغرب، مع الانفتاح على الشركاء الدوليين لتعزيز الفهم التاريخي المشترك.