رمضان هو شهر العبادة والاجتهاد في التقرب إلى الله تعالى، وهو شهر تهذيب السلوك، لكن مع الأسف الشديد تم التركيز على السلوك الفردي بينما تم تعريض السلوك الجماعي لعملية نسيان كبيرة، وكأن الفرد هو المسؤول عن كل شيء، رغم أن السلوك الفردي مهم في رمضان، لكن الكل يركز على سلوك الواحد، وكيف ينبغي أن يكون وما هي ضروريات وشروط الصيام.
السلوك الجماعي الرمضاني مهم للغاية، فالمؤسسات ينبغي أن تصوم عن الآثام، التي ترتكبها في حق المواطن، فشركات النقل، بمختلف أصنافها ينبغي أن توفر للمواطن كافة الشروط، التي يشعر معها بالصيام، وبأنه ممسك ليس عن الأكل والشرب ولكن عن أشياء كثيرة، فكيف تريده أن يشعر بالصوم لما يتم إركابه بطريقة “السردين”؟
نعم هناك شروط للصوم، لكن هناك أمور أخرى تضاف للصوم حتى يكون مكتملا، فالأذن تصوم والعين تصوم، والمسؤول عن انتهاك حرمات العين والأذن، هو من يمتلك سلطة وأدوات البث والنشر، إذ ما نراه غريب وعجيب، فلابد أن يصوم الإنسان عن مشاهدات روتيني اليومي المخزية.
لكن هناك بث يقتحم عليك دارك وبيتك وساعة إفطارك، هو البث التلفزي لقنوات القطب العمومي، وأغلب العائلات تتوجه إليها، ليس لجودتها ولكن لأنها قنوات مغربية ولا يريد المغربي أن يتناول وجبة الفطور وهو “حارق” نحو قنوات أجنبية.
هذه القنوات ينبغي أن تشارك المغربي صومه. فقبيل الإفطار لا يحق أن تبث إليه وصلات إشهارية عن الأكل، ووقت الإفطار لا ينبغي أن تزعجه بإشهار الحفاظات والدواء القاتل للحشرات وسراق الزيت، في وقت يكون منهمكا في تناول وجبة الفطور.
الإعلام إحدى وسائل انتهاك حرمة الصائم، سواء من خلال الإشهار، الذي ليس ضروريا بالطبع، لأن الإعلام العمومي يمول من جيوب دافعي الضرائب، والإشهار يكون أحيانا غير منسجم مع اللحظة كما قلنا، مما يكون له دور المزعج لراحة الصائم، وسواء من خلال البرامج التي يتم فرضها على المشاهد خلال شهر كامل.
برامج من المسلسلات والسيتكومات، التي لا علاقة لها بالمفهوم الدقيق للسيتكوم، الذي يعني كوميديا الموقف، بينما كوميديا التي يقدمها تلفيزيوننا هي كوميديا حامضة لا علاقة لها بهذا الفن، الذي ظهر عند أصحابه الذين يحترمونه، ويكون مفروضا على هذا المواطن وخلال شهر كامل أن يشاهد التفاهات بالملايير المصروفة من جيبه والمقتطعة من قوته ومن مشاريع بلاده، ومع ذلك ليس له وسيلة للتعبير عن رفضه لها.
لابد من تهذيب السلوك الجماعي الرمضاني في الإدارة العمومية، التي يلجها المواطن، وكأنه يطلب شيئا غير مستحق، ولابد أن تصوم هي بدورها عن إزعاج المواطن من خلال السلوكات البئيسة والتعامل المحتقر للمواطن.
ولابد أن يتم تهذيب السلوك الجماعي للحكومة، وتلعن الشيطان عن الزيادات في شهر رمضان، حتى تترك للمواطن فرصة للصوم المريح.
السلوك الرمضاني بين الفرد والمجموع
