Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

السيادة النوعية في اتفاقيات المغرب- إسبانيا

البيان الختامي للاجتماع الـثاني عشر، رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، الذي تم توقيعه أول أمس كان كفيلا بأن الدولتين الجارتين متفقتان اتفاقا تاما على التعاون والشراكة بمفهوم جديد للعلاقات الثنائية. في الاتفاق بهذا الشكل، التزام الدولتين على تعاون وطيد وشراكة متينة في العديد من المجالات، بشكل ضمني وحقيقي، لمفهوم رابح- رابح، وفق النموذج الجديد للعلاقات الدولية التي تفرضها الخارطة الجديدة لما بعد كورونا، وفي أفق اكتمال صورة هذه الخارطة، بعد نهاية الحرب الروسية على أوكرانيا.
أهم عناصر الاتفاق والتعاون العميقين هو التزام الدولتين بعدم التدخل في السيادة لبعضهما. فالمغرب، أحب من أحب و كره من كره، دولة ذات سيادة تامة وكاملة باعتراف تام من المنتظم الدولي، لا نقاش فيه، وجب احترامها و تقديرها من طرف كل الدول، وأولها إسبانيا الشريكة الصديقة للمغرب بالمفهوم الجديد للعلاقات الدولية والثنائية، وباعتبارها أيضا دولة ذات سيادة، لكن بالنموذج الجديد لمفهوم جنوب- جنوب الذي لم يعد لها معها الحق التفكير قيد أنملة في التفكير أنها دولة استعمارية أو ضاغطة، لأن المغرب بدوره أصبح قوة في إقليمه وفي القارة الإفريقية وعلى الصعيد الدولي، على درجة كبرى من القوة والضغط، بما يفسره انتماؤه المرحب به جدا، في العديد من التكتلات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية والحقوقية والدبلوماسية الدولية.
الالتزام الثنائي للبلدين بالاحترام المتبادل للسيادة لكل من المغرب و إسبانيا، يتعداه إلى احترام وتعاون عميقين اقتصاديا واجتماعيا وتاريخيا وامنيا وديبلوماسيا، وهو ما يؤكده ما يحمله مضمون البيان الختامي من مفهوم للسيادة المالية والسيادة الاقتصادية بموازاة مع السيادة السياسية في مجمل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها.
لا شك ان الاحترام المتبادل لسيادة البلدين يعني في المفهوم الجديد لـ” جنوب- جنوب” الدعم المتبادل لسياستهما بدرجة أولى، لكنه يعني أيضا الدعم المتبادل واللامشروط لاقتصاد البلدين ونمو اقتصادهما وتطويرهما في إطار حقيقي وجاد لمفهوم رابح- رابح. ولعل الالتزام التام للبيان الختامي للجنة العليا المغربية الإسبانية بإنعاش التبادلات التجارية والاستثمارات، من أجل تنفيذ مشاريع تنموية مشتركة في إطار شراكة رابح-رابح، أكبر دليل على ضرورة الاستفادة الواجبة والصريحة للبلدين من الميثاق الجديد للاستثمار الذي اعتمده المغرب حديثا، والذي يتلاءم مع التحولات المؤسساتية، والاقتصادية، والاجتماعية والسياسية، والرامي إلى جعل المغرب وجهة استثمارية دولية، من خلال توفير فرص حقيقية في القطاعات الاستراتيجية، وفي ذلك اكبر احترام متبادل لسيادة نوعية للدولتين، واكبر تنفيذ لمفهوم رابح- رابح تنفيذا إيجابيا لهما.
العديد من المجالات التي استوجبت الاتفاق الثنائي بين البلدين بالمفهوم الجديد لعلاقات التعاون والشراكة بمفهوم رابح- رابح تلخصها الاتفاقيات العديدة التي تم التوقيع عليها في إطار اللجنة العليا المشتركة المغرب- إسبانيا، تثمنها محفظة الثمانمائة مليون اورو من الاستثمارات المغربية الاسبانية بالمغرب بأوراش ضخمة و بمفهوم رابح- رابح دائما، تتجاوز الطاقة النظيفة والنقل البيئي والموارد المائية، والبيئة، والفلاحة، والتكوين المهني، والضمان الاجتماعي، والنقل الطرقي و الدولي، والحماية الصحية، والبحث والتنمية والصناعات المتنوعة وغيرها كثير، وإلى الهجرة الدائرية بين البلدين، التي تعني التكافؤ السياحي بين البلدين الذي هو من التكافؤ الثنائي الواجب في كل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في إطار الاجتماع الثنائي عالي المستوى بما بلا يدع مجالا لأدنى شك كونها اتفاق عام لا يخرج عن إطار رابح – رابح كذلك.

Exit mobile version