Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

السياسة تنافس حديقة الحيوانات

لم يبق للحيوانات، سواء القابعة في حدائق الدنيا أو السائبة في أرض الله الواسعة، سوى أن تنتفض في وجه الزعماء السياسيين المغاربة قائلة “تشاتموا وتسابوا وتناطحوا بعيدا عنا نحن الذين لا ندخل معركة إلا من أجل البقاء فقط وليس مثلكم من أجل الغنيمة”. وترفض الحيوانات أن يتم استعمال النعوت، التي هي من طبيعتها، في المشهد السياسي، لأنها حصريا للحيوانات، بينما عندما يتم بواسطتها وصف فعل معين، فإن في ذلك استصغارا لشأن هذه الكائنات، بل إهانة لها، لأن من مارس على طبيعته لا يلام ولكن العيب على من مارس أمورا ليست من طبيعته.
اتخذت بعض الأحزاب السياسية في العالم الحيوانات كشعار لها. لكن في المغرب أصبحت لغة للتراشق بين “الكائنات” الانتخابية والسياسية. الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب والقيادي في التجمع الوطني للأحرار وصف عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية، بـ”الذئب”. هذا الأخير لم يتأخر كثيرا في وصف الأول بـ”حمير”، وهو تصغير حمار.
لم نكن لنورد هذه العبارات لو لم تكن في تجمعات حزبية نقلتها وسائل الإعلام، وسارعت مواقع التواصل الاجتماعي إلى نقلها بحثا عن “البوز”، لولا ذلك ما كنا لنعيد كتابة هذه العبارات، وفي الواقع كنا نتوقع أن تتحرك الجهة التي تمثل ضمير المجتمع قصد محاسبة هؤلاء باعتبارهم شخصيات عمومية تقوم بالتحريض على إفساد الذوق العام.
والمضحك أن هؤلاء كبار في السن “دايرين الضحك فريوسهم”، وأكثر من ذلك أن الطالبي العلمي “عيّر” بنكيران بكبر السن، فلما بحثنا عن ولادتهما وجدنا أن بينهما فقط أربع سنوات، وإذا كان ينبغي أن يرحلوا فليرحلوا جميعا، وعاب على حزب الإسلاميين غياب الديمقراطية، “الشبكة قالت للغربال ولد واسع العيون”. كيفما كان الحال فالعدالة والتنمية فيه تنافس عن طريق الصناديق بينما أخنوش تم انتخابه بالتصفيق.
لا يهم أن تكون كبيرا في السن أو صغيرا ولكن يهم أن تكون قدوة. فكلاكما في العقد السابع، ولكن يمكن أن تكون في عقدك التاسع وتستحق القيادة. لكن بعد بلوغ سن معينة تزداد مسؤوليتنا وقد حدد القرآن سن الرشد الذهني قال تعالى “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”، والأربعون سن بعثة الأنبياء عليهم السلام.
الطالبي العلمي رئيس المؤسسة التشريعية، أي المؤسسة التي تصدر عنها القوانين بالتصويت. من سينضبط غدا للقوانين الصادرة بخصوص استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في “السب والقذف”. إذا كان رب الأسرة بالدف ضاربا فشيمة أهل الدار الرقص.
كبر السن قد يكون وسيلة للاختمار. لكن لماذا فسدت الخميرة فأنتجت سياسيين يتنابزون بالألقاب؟ ماذا سيقول الشباب عن السياسة لما يشاهدوا كبارهم يشتم بعضهم بعضا؟ أبهذه الطريقة سنعيد الثقة للناخب في المشهد السياسي؟ إذا استمر الوضع على ما هو عليه لن تجدوا غدا من يذهب لصناديق الاقتراع ليصوت ضدكم وليس لفائدتكم.

Exit mobile version