محمد.عفري
رغم خطاب التنميق والزّركشة الذي تطلق له العنان حكومة أخنوش، يأبى الواقع ومعه الأرقام الرسمية المطلة علينا من المنظمات الدولية إلا أن يفضح أكثر مما يكشف..
ظلت حكومة أخنوش منذ توليها مقاليد السلطةالتنفيذية في الحكومة، والتشريعية في البرلمان، إلى اليوم، تتغنى بأسطوانة نجاحها في كل المجالات، وفي مقدمتها العدالة الاجتماعية، وسلطت في الآونة الأخيرة، في حملة انتخابية سابقة قبل عام من إجراء الانتخابات، مَن يجحظ فينا عينيه قولا بتحقق هذه النجاحات، بل يخطب ودنا بأن نكون من المُنغضين رؤوسنا، ولو بالسيف، لنقول، إن هذه الحكومة، في التزاماتها، كانت على الوعد وعلى العهد وفية، وفوق الوفاء حتى..
لكن، لنقف على المسافة الشاسعة بين القول والفعل عند حكومة أخنوش، تعالوا نقرأ في تقرير أممي حديث، صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، ويتعلق بالمرأة المغربية في القرية، وحين نذكر القرية المغربية، فأول من نخص بالذّكر نساءها قبل رجالها، لأن الرجال في القرية إذا كانوا مخلصين للحقول، فالنساء مخلصات لأشغال البيت وتربية المواشي، تزامنا مع تربية الأبناء في البيوت، أكثر من إخلاصهن للتعليم والتكوين والإدماج الاجتماعي، وقبل أن نقول هذا وذاك، لابد ان نذكر بصندوق الدعم القروي،الذي اسال الكثير من المداد حول قيمته المالية المخصصة، حين كان اخنوش وزيرا للفلاحة على امتداد ولايتين إلى اليوم، وعصف بكثير من الأقلام والأصوات حول حول هذه القيمة وطرق صرفها وهوية المستفيدين منها ونتائج هذه الاستفادة التي يجب أن تظهر على القرية وساكنتها، وبالخصوص شبابها وشاباتها..
لنتأمل أن أخنوش رئيس الحكومة، ووزير الفلاحة على عهده، وباقي الوزراء التي تتقاطع أوزارهم مع وزر أوراش النهوض بالقرية وتنميتها وإدماج ساكنتها اجتماعيا، كلهم يتغنون بالنجاح في المهمة، قبل أن يؤكد هذا التقرير الأممي الحديث، ل“الفاو”، أن أكثر من ثلث شابات القرى في المغرب، ينتمين إلى فئة “NEET”، التي تعني بالمختصر المفيد “أنهن لا يدرسن ولا يشتغلن ولا يتلقين أي تدريب”، وذلك رغم التحسن الملموس وغير المسبوق في البنية التحتية الطرقية، الذي من المفروض ان يكون مساهما قويا في زيادة التحاق الفتيات والشابات بالتعليم الثانوي وتخفيض حالات زواج القاصرات مثلا..
الأكثر من ذلك، فمعطيات التقرير الذي تطرّق ل”وضعية الشباب في النظم الزراعية والغذائية”، أظهر أن شابات “NEET” يمثلن حوالي 33% بالقرى المغربية، فيما تقارب هذه النسبة في صفوف شابات الحواضر 26 % فقط..ولا غرابة، إن قاربت هذه النسبة من فئة “نييت” لدى الشابات؛ الشباب الذكور في أعدادهم، بالقرية المغربية ممن لا يدرسون ولا يشتغلون ولا يوجدون في تدريب مؤهل لشغل؛ لأن تقرير “الفاو”، الذي حثما سيزعج أخنوش، بوضعه النقط على حروف القرية المغربية، يؤكد بما لا يدع أدنى شك، أن تقارب الذكور الذين لا يدرسون ولا يعملون ولا يتلقون أي تدريب بالوسطين القروي والحضري، يشكلون 12% ،علما أن الشباب المغاربة يشكلون 16.63% من إجمالي سكان القرى في مغربنا الغالي الذي وضعته المنظمة ضمن خانة الدول ذات النظم الزراعية والغذائية قيد التوسع.
ولا ينكر عاقل سَوي أن القرى المغربية بشبابها وشاباتها، على الرغم من تهميشهم البنيوي المركب في خارطة التعليم والتكوين المهني والتعليم العالي منذ الاستقلال؛ ظلت معقلا وفيا للأحزاب في الانتخابات، وأخنوش وحكومته في أغلبيتها التي تتشكل منها، حازت النسبة العظمى من أصواتها التي أوصلتها إلى “بوديوم” السلطة والتشريع والمراقبة، من القرى، وعبر شابات هذه القرى وشبابها، لتمر خمس سنوات من عمر ولاية هذه الحكومة دون أن تكون نية ورغبة لديها، في انتشال شباب القرية المغربية وبالخصوص شاباتها، من براثين “نييت”(دون تعليم دون شغل ودون تدريب/ تكوين)، ليطرح سؤال عريض نفسه، هل لحكومة أخنوش وللحكومات المتعاقبة والحكومات المقبلة مصلحة كبرى في استمرار المرأة/ الشابة القروية على هذا النمط الاجتماعي دون تعليم دون شغل تكوين وبالتالي دون إدماج..
وحين نذكر مبادرات الادماج الاجتماعي والتنمية المتنوعة والبنيات التحتية، نربطها حثما بالمشاريع الملكية السامية الكبرى التي توَخّت إدماجا اجتماعيا حقيقيا للمواطن المغربي، شابا كان أو شابة، واينما كان، في المدينة أو في القرية، وفي القرية بالخصوص وبأولية وهي التي خصص لها جلالة الملك عناية خاصة كونها أساس اقتصاد وطني صاعد بينما ظل يرى فيها أخنوش كسياسي ورجل أعمال ويراه الكثير من أمثاله معقلا انتخاببا وكفى..