ادريس عدار
لم تتوحد شبيبات الأحزاب السياسية على شيء يهم الوطن مثل وحدتها ضد إلغاء اللائحة الوطنية، التي يعتبرها كثيرون بأنها ريعا سياسيا، يهدف إلى إرضاء الشباب سواء منهم الغاضبون أو من يقدمون خدمات للقيادة، وبما أن كثيرا من الشباب يخلقون أزمات حزبية وتوترات، نقلت القيادات الحزبية هذه الأزمة من التنظيمات إلى البرلمان عبر اللائحة الوطنية، التي يضمن الترتيب في قائمتها الحصول على مقعد برلماني بسهولة.
كنا ننتظر من الشبيبات الحزبية أن تكون أول مدافع عن إلغاء هذه اللائحة، التي تعتبر روح الريع الحزبي، والتي عطلت أي تطور حزبي في اتجاه ولوج الشباب القيادة الحزبية، وبدل أن تقوم شيوخ الأحزاب بالتواري إلى الخلف وممارسة الحكمة حاولوا تصريف ذلك عن طريق البرلمان الذي تحول إلى مؤسسة تؤدي ثمن الوظائف التي يقوم بها الشباب لصالح أحزابهم.
الشبيبات اعتبرت إلغاء اللائحة الوطنية للشباب تراجعا عن المقتضيات والضمانات القانونية المؤطرة لمشاركة الشباب في الحياة النيابية، والتي تشكل مكتسبات وتراكمات إيجابية في مسار الممارسة الانتخابية للمغرب حققها الشعب المغربي ومن خلاله الشباب في سياق الحراك المغربي الذي أثنى الجميع على حكمة تدبيره.
الشبيبات في هذا البيان تبتز الدولة، مع العلم أن اللائحة هو مقتضى قانوني انتخابي ولا علاقة بالتحولات الدستورية، وبالغت في الصورة التي رسمتها عن اللائحة الوطنية للشباب، واعتبرت إلغاءها مؤشرا مقلقا ورسالة سلبية لإغلاق قوس آخر فتحته موجة الحراك الشبابي وطنيا وإقليميا، وانتصار لخط تعميق اليأس وتنفير الشباب من العمل السياسي داخل المؤسسات.
متى كان الريع مطلبا نضاليا؟ ومتى كانت اللائحة هي طريقة الشباب الوحيدة للوصول إلى البرلمان؟ فبدل أن تطلب الشبيبات من الأحزاب التابعة لها التدخل لدى وزارة الداخلية حتى لا يتم إلغاء اللائحة، كان عليها أن تطلب منها فسح المجال للشباب كي يصل إلى القيادة الحزبية ويتم الإقبال على الترشيحات الشبابية في الدوائر الانتخابية وحينها سيتعود الناخب على لوائح يقودها الشباب وسيصوت لها وبهذه الطريقة يكون الشباب قد وصلوا للبرلمان لكن عن طريق قوة الحضور في المجتمع.
من بين الدفوعات التي تقدمت بها الشبيبات الحزبية هي أن اللائحة الوطنية للشباب تقوم بتسهيل ولوج الشباب إلى المؤسسة البرلمانية، بينما استطاع شاب نواحي مراكش الوصول عن طرق الدائرة لسبب بسيط هو وجوده المكثف إلى جانب الناخبين، بينما الشباب الطامح إلى الوصول عن طريق الريع فهو يعيش في المركز ويستفيد من أجوائه لكن يريد أن يصبح برلمانيا دون تضحيات ميدانية.
نعم سيكون مدخلا لتيسير وصول الشباب إلى البرلمان لو كان فعلا عملا مدخليا ولم يصبح ثابتا من ثواتب العمل السياسي، فبعد أكثر من ولاية نجح فيها الشباب عن طريق الريع كان ينبغي على الأحزاب أن تكون قد هيأت المجال للشباب للقيادة وعبرها الوصول إلى المؤسسة التشريعية.
قصة القوس المفتوح من الحراك الشبابي فقد تم إغلاقه أصلا بعد أن تبين أنه مجرد عملية وهمية مسيرة من قبل الغرب، وبعد أن تعامل معها جلالة الملك بحنكة.