إدريس عدار
سلطة التشريع لا تعني وسيلة للنهب. من أخطر أنواع التشريعات، التي يقدم عليها البرلمانيون، هي تلك المتعلقة بالبرلماني نفسه. معاشه. تعويضاته التي تسمى ظلما وعدوانا راتبا. التعويضات الزائدة عن التعويض المسمى راتبا. من يصدر القوانين يمتلك سلطة خطيرة. لا بد من لجم هذه السلطة حتى لا تمارس الشطط؟ وأي سلطة تمارس الشطط تخرج عن الدور الوظيفي المنوط بها دستوريا وقانونيا. وإذا كانت الأضواء مسلطة فقط على سلطة الحكومة والقضاء فإنها خافتة فيما يتعلق بالسلطة التشريعية.
من غير المنطقي أن يعمد البرلمانيون بصفتهم مشرعين إلى القيام بتشريعات تخدم مصلحتهم ولا تراعي مصلحة البلد. بأي مقياس ومعيار تتفق الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين على تصفية معاشات أعضائها، لكن عبر فضيحة مدوية.
التصفية تتم عن طريق استرجاع المستشار البرلماني لمساهماته ومساهمات المجلس.
هذه القضية تطرح إشكالات عميقة. الأول في أصل هذا المعاش. كان بإمكان المؤسسة التشريعية أو أي تجمع للبرلمانيين، أن يتعاقد مع أي صندوق للتقاعد أو حتى بعض الأبناك من أجل تخصيص تقاعد للبرلمانيين وفق مساهماتهم الخاصة.
من أقر التقاعد البرلماني وبهذه الصفة خالف القانون، لأن التقاعد هو ناتج مساهمات المنخرط والمؤسسة المشغلة. وهل البرلمان مؤسسة مشغلى للبرلماني؟ هل هو موظف لديها؟ لماذا تؤدي عنه أقساطا لصناديق التقاعد؟ بأي حق تم السماح بمرور هذا القانون؟ أين وسائل الرقابة؟
منح البرلمانيين تقاعدا تساهم فيه المؤسسة التشريعية، من جيوب دافعي الضرائب، هو تحويل لها إلى أداة للتشغيل، خصوصا وأن كثرا من البرلمانيين يصلون عن طريق اللائحة، وشهدت أغلب الأحزاب انتفاضات بخصوص الترتيب في اللوائح الوطنية سواء المتعلقة بالمرأة أو تلك الخاصة بالشباب، وقد يعودون عن طريق لائحة أخرى تسمى لائحة الأطر.
ما يحصل عليه البرلماني ليس راتبا. ما يحصل مجرد تعويض عن مشاركته في الرقابة والتشريع. وكثير منهم لا يشاركون لا في رقابة ولا تشريع. فقبل وضع لائحة الغياب كان بعض البرلمانيين يعرفون علاقة واحدة بالمؤسسة. هي علاقة نهاية الشهر. وبعد إقرار لائحة الغياب أصبح الكثيرون يتفادون المدة المسموح بها. ويسجلون حضورا من غير مشاركة كيفما كانت.
هو إذن تعويض وليس راتبا. وعجبا كيف أصبح يعتبر راتبا تترتب عليه تعويضات أخرى خاصة بالمبيت والمازوت والتنقل وأمور أخرى. فلماذا يأخذ التعويض؟
البرلماني قبل أن يأتي إلى المؤسسة التشريعية من المفروض أن يكون لديه شغل. سواء وظيفة عامة أو خاصة أو رجل أعمال أو فلاحا. إذا كان عاطلا أولى به ألا يضيع وقته في البحث عن مقعد برلماني وإنما عليه البحث عن عمل أولا. لما ينتهي البرلماني من مهمته الانتدابية يعود إلى عمله الأصلي. وهناك عليه أن يبحث عن التقاعد. ولما عرفوا بأن الصندوق لم يعد قادرا على تحمل أعباءهم أرادوا “لهف” المال العام عن طريق الشطط في استعمال السلطة التشريعية.
الشطط في استعمال سلطة التشريع
