مغربية الصحراء مثل المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، لأنها ليست من القضايا التي تقبل الغموض، وكل هذه السنوات من التشويش أكدت أن الخصم لم يكن بمنتهى الذكاء ليفهم أنها قضية وجود وليست نزاعا عن حفنة تراب، وإن المغاربة لا يفرطون حتى في تلك الحفنة الصغيرة بل ذرة رمال واحدة، وبما أنها قضية وجود لا نقاش حول حقنا في بناء وطن ممتد بكامل جغرافيته، ولم يفهم الخصم أن المغرب تصرف وفق اليقين الذي يمتلكه ولم ينتظر أي قرار كيفما كان كي يشرع في عملية الإعمار.
اليوم نحن أمام قرارين مهمين، يسيران في سياق تفهيم الآخر أن العناد لا يصلح أبد الدهر، وأنه فقط مضيعة للزمن وللتنمية بالمنطقة، الأول هو التأكيد الأمريكي على أن الخلاف حول قضية الصحراء المغربية هو بين المغرب والجزائر، وهذا تأكيد أيضا للموقف الأممي، الذي دعا إلى ضرورة جلوس أطراف النزاع على طاولة المفاوضات وذكر على رأسها المغرب والجزائر، لأن موريتانيا يبقى دورها ثانويًا بينما البوليساريو ليست سوى أداة تنفيذ لمشروع التشويش الجزائري، وبالتالي فإن من يعنيه موضوع الصحراء المغربية يتوجه رأسا إلى الطرف الحقيقي في النزاع بدل الوكيل، لأن هذا الأخير لا يملك قراره بيده، أي إن من أشعل الصراع هو وحده القادر على إخماده ضمانا لأمن المنطقة.
القرار الثاني هو الصادر عن جامعة الدول العربية والقاضي بإلزام الدول الأعضاء باعتماد خارطة جديدة يظهر فيها المغرب بكامل صحرائه، وذلك قبيل القمة المرتقب عقدها في الجزائر، التي تنوي من خلالها العودة إلى التشويش في المنظمات الإقليمية عبر إقحام المرتزقة، الذين لم يعد أحد في العالم العربي يعترف بهم وفي الحد الأقصى لا توجد دولة عربية تخرج عن القرارات الأممية التي اعترفت بصوابية الحكم الذاتي.
قرار الجامعة العربية ضربة في الموعد للجزائر، التي لا ترغب بتاتا في تثبيت الأمن والاستقرار بشمال إفريقيا ودول الساحل، بعد أن تحولت البوليساريو إلى بؤرة للحركات الإرهابية، حيث يتاجر المرتزقة في السلاح والبشر وكل الممنوعات.
يقال “الحر بالغمزة”، وهذه أكثر من “غمزة”، وإذا تعقّلت الجزائر سوف تعقل المرتزقة وتأمرهم بمغادرة أراضيها ليعودوا إلى وطنهم، الذي رفع شعار “إن الوطن غفور رحيم”، وهو وطن فعلا رحيم حيث لم يحاسب أي خارج عن الشرعية، وكل من قرر العودة فتح له الأبواب والنماذج كثيرة وهم يعيشون بين ظهراني عوائلهم وعشائرهم، لكن لحدود الآن ما زالت الجزائر مستمرة في سلوكات غير عقلانية، حيث أقدمت على التصعيد عبر قطع العلاقات من جانب واحد وتوجيه اتهامات للمغرب بل محاولة فرض نفسها في قرارات اتخذها المغرب لا علاقة لها بها خصوصا بعد الاتفاق الثلاثي، لكن حتمية التاريخ والجغرافية تقتضي نهاية الصراع العبثي الذي يعرقل التنمية في المنطقة بل يهدد وجودها من خلال الانتشار الواسع للعصابات الإرهابية وشبكات المخدرات والاتجار في البشر.
الصحراء مغربية لا يزيغ عنها إلا هالك
