Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الصيام وقفة رمضان

اليوم الأربعاء هو اليوم الأول من شهر رمضان الفضيل، وهو أعظم الشهور عند الله، الذي قال فيه الله تعالى “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن” وقال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من آثار “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر”، وتعلم فيه المسلمون تعاليم كثيرة تتعلق بأخلاق الصيام، وأهمها أخلاق التراحم والتعاضد والشعور والإحساس بالفقراء والمساكين، بمعنى أنه شهر التراحم.

وحتى نكون دقيقين فإن الصدقات والإحسان إلى الفقراء والمساكين، بكافة السبل والطرق بما فيها العمل الإحساني المنظم، لا يلغي دور الحكومة في تركيز معالم منظومة الدعم القانوني لكافة الفئات المحتاجة، وهذا معنى الأخذ ممن يملك والإعطاء لمن لا يملك. وأي دور من هذا النوع لا يمكن أن يلغي الأدوار الاجتماعية المعروفة.

رمضان هذه السنة مختلف من حيث أنه يأتي على مقربة من الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية، وفي هذه المناسبات تكثر القفة، التي تلعب أدوارا سلبية، حيث تبعد المواطن عن التضامن الاجتماعي، ويتحول من مجرد فقير يحتاج قفة ليسد بها رمقه إلى زبون لدى الأحزاب والجمعيات، ولا نستثني طرفا دون آخر وإن كان نصيب الأسد من هذا الشغل هو للعدالة والتنمية، التي تجمع بين الدين والسياسة وتخلط العمل الإحساني بضرورات الاستثمار السياسي الانتخابي، مما يفسد العملية برمتها، التي عاش عليها المغاربة حيث يعطون لله وفي سبيل الله من مال الله دون الرغبة في الجزاء الذي يأتي من وراء ذلك.

فالتضامن الرمضاني تقليد مغربي أصيل، قد يكون مرافقا لدخول الإسلام إلى هذا البلد، حيث تم استثمار أساليب التضامن التي كانت من قبل وربطها بالدين بمعنى إطائها بعدا روحيا، وبالتالي التضامن ليس غريبا على المغاربة، وما كانت له من أهداف نهائيا سوى التعاضد بين أبناء البلد، وتمت مأسسة العمل الاجتماعي في مجموعة من الأشكال أثناء فترة الاستعمار الفرنسي وبعده، وظهر دوره القوي في الفترات الحرجة وخصوصا في زلزال أكادير، وفي كثير من الوقائع.

والمغاربة لا يتضامنون فقط مع أبناء دلتهم بل مع الجيران وغير الجيران من الشعوب الأخرى، وهكذا تضامن المغاربة بمساهمات مفتوحة مع الأشقاء في الجزائر، قبيل استقلال بلدهم وبعده، قبل أن تنقلب “البوخروبية” وتوتر العلاقات بين البلدين، وأقر ضربة للتضامن مع الشعب الفلسطيني ناهيك عن أشكال أخرى من التضامن والتآزر. إذن التضامن هذا مبدأ كبير ودقيق لدى المغاربة، لكن بعد مجيء حزب العدالة والتنمية تمت بلورة أشكال من التضامن غريبة مربوطة بالزبونية الانتخابية، وهنا بدأ قطار التضامن يخرج عن سكته.

أظهر المغاربة خلال الجائحة قدرة كبيرة على التضامن وبأشكال متعددة ومن أناس معروفين لكن ليست لهم أهداف انتخابية، وأي استغلال لقفة رمضان في الأغراض الانتخابية هو خروج عن الطور المغربي في التدين والإحسان.

Exit mobile version