فرضت الأرجنتين ضريبة خاصة على الثروات التي راكمها بعض رجال الأعمال نتيجة الحرب في أوكرانيا، حيث تم استغلال الظروف واحتكار كثير من السلع قصد رفع منسوب الأرباح. وهي طريقة ذكية لمواجهة الاختلالات ومعالجة عدم التوازن بين فئات المجتمع.
في كثير من الدول، ودون أزمات، يتم فرض ضرائب مرتفعة جدا قد تصل إلى 80 في المائة، على ما يمكن تسميته “التجارة السهلة”. أي شركة حائزة على امتياز معين وليس في عملها أية مخاطر ومنعا لمراكمة ثروات غير منطقية وغير مقبولة يتم فرض ضرائب مرتفعة ومختلفة النسب، كما يتم تخفيض ضرائب الشركات ذات الطابع “المخاطر”.
مساءلة لحكومتنا، التي عودتنا منذ تربعها على أنفاسنا على الجرأة على كل ما هو اجتماعي، عما هي فاعلة في هذا السياق، وهل ستقوم بتقليد حكومة الأرجنتين، البلد الذي نستورد منه 34 في المائة من بذور الزيوت التي يستعملها المغاربة في مطابخهم؟
المغتنون من الأزمات مثلهم مثل تجار الحروب بل هم تجار حروب بكامل المعنى والصفة. فهل يمكن لحكومتنا أن تقوم بتقليد حكومة الأرجنتين، وهي فقط واحدة من الحكومات في العالم التي اتخذت إجراءات مماثلة أو قريبة منها؟
بئس الطالب والمطلوب. فالذي يمكن أن يفرض هذه الضريبة هو الحكومة، والحكومة يترأسها رجل أعمال الذي نسميه رئيس “تجمع المصالح الكبرى”، وهو نفسه ضاعف ثروته مرتين خلال أزمة كورونا، وفق تقرير لمجلة “فوربيس” المتخصصة في تعيين ثروات مليارديرات العالم. فلا يمكن أن يقوم أخنوش رئيس الحكومة بإعطاء الأوامر لوزيرته في الاقتصاد والمالية بإعداد مرسوم من هذا النوع ضد عزيز أخنوش رجل الأعمال.
نتحدث أحيانا عن التعارض بين المصالح، حيث يكون مسؤولا في قطاع حكومي يقوم بمهام أخرى تتعارض مع وجوده، لكن اليوم نحن أمام “تعارض للإجراءات”، فلا يمكن لرئيس الحكومة أن يتخذ إجراءات ضد رئيس “تجمع المصالح الكبرى”، وهذا تعارض أخطر من تعارض المصالح، لأن هذا الأخير يمكن معالجته لكن الأول كيف يمكن حله؟
هذا التجمع اغتنى بشهادات متعددة خلال أزمة كورونا، وما زال يغتني خلال أزمة أوكرانيا، ويتمنى ألا تنتهي الأزمات حتى لا ينتهي تدفق الأرباح على حساباته، وبالتالي لا يمكن التعويل على أي إجراء من هذا النوع.
وزيرة الاقتصاد والمالية قالت أمام نواب الشعب إن الحكومة لم تعد لديها الأموال لدعم المحروقات أو غيرها قصد التخفيف من ارتفاع الأسعار. هذا تحصيل حاصل لأن الحكومة لم تدعم المحروقات أصلا، ولكن أسكتت فئة من المهنيين بدراهم معدودات بينما تركت الشعب في عمومه عرضة لغلاء الأسعار. ولم يطلب أحد من الحكومة مثل هذا الدعم البئيس الذي تحدثت عنه الوزيرة، ولكن كان المطلوب هو إجراءات ضريبية تربح معها خزينة الدولة أموالا يتم تحويلها للتخفيف من معاناة المواطنين.
الضريبة على “ثروات الأزمة”
