Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الطبقة الوسطى ضمانة الاستقرار

كان لافتا للانتباه أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، بزعم مواجهة تداعيات أزمة كورونا والحرب في أوكرانيا، أتت على ما تبقى مما كان يسمى الطبقة الوسطى، أي الطبقة التي تقع في متوسط الحراك الاجتماعي، بين الطبقات التي تقع في السلم الاجتماعي الأدنى، ومنها الطبقة الفقيرة والطبقة التي تعيش تحت عتبة الفقر، والطبقات التي تقع في السلم الاجتماعي الأعلى، وهي لا تمثل سوى فئة صغيرة لكن تمتلك أكبر وسائل جلب الثروة حتى لا نقول إنتاجها.
في كل بلاد الدنيا توجد طبقات في الأدنى وطبقات في الأعلى وبينهما طبقة وسطى تعتبر صمام أمان وضمانة الاستقرار، باعتبارها الطبقة التي تدخر شيئا من المال والممتلكات، التي أصلا في إنقاذ البلاد وقت الأزمة، لأن الطبقة التي في الأدنى ليس لها ما تدخره، والطبقة التي في الأعلى من طبعها مغامرة في توظيف المال كما تتميز بالخوف عما تملك، وعند الأزمة تفر إلى “ظهر الجبل”.
الطبقة الوسطى تتميز بخاصية مختلفة، فهي تدخر وقت الرخاء، لكنها لا تخاف وقت الشدة، وهي التي تخرج ما ادخرته فيعود بالنفع على الجميع، لكن طول وقت الأزمة أتى على ما تبقى من هذه الطبقة. وعندما نتحدث عن طول الأزمة وطول وقتها، لا نقصد هنا الزمن كما نعرفه ولكن الزمن خارج الأيقونات المعروفة، وهو يعد بملايير السنين وليس بالدقائق، وهذا الطول هو الذي أثر على هذه الفئة، التي بدأت تفقد آخر ما تبقى من وجودها.
اليوم بعد أن امتدت الأزمة إلى مديات كبرى في غياب الحكومة، التي لا تحضر إلا لاتخاذ إجراءات خطيرة تقضي على ما تبقى من الطبقة الوسطى، وحتى لا نكون مدعين وزاعمين لأشياء غير موجودة، نستحضر تقريرا للمندوبية السامية للتخطيط، وهي بالمناسبة مؤسسة رسمية ودستورية، أوردت فيه أرقاما خطيرة، حول كون 81 من المغاربة ليست لهم ثقة في المستقبل وأن أكثر من 70 في المائة منهم يقترضون من أجل استكمال شروط العيش، وهذا لم يكن يقع من قبل حيث كان الاقتراض وسيلة لتأثيث المنازل أو شرائها أو شراء سيارة، أما اليوم الذي أصبح فيه الاقتراض من أجل شراء مواد العيش وأساسياته فقد وصلنا إلى مرحلة يصعب وصفها بشكل نهائي.
والأدهى والأمر ليس هو فقط القضاء على الطبقة الوسطى، ولكن تقديم امتيازات ضريبية وهدايا لتجمع المصالح الكبرى، ففي وقت يتم القضاء على الفئات التي كانت تضمن الاستقرار المالي والاجتماعي، حقق التجمع أرباحا كبرى، ويكفي أن رئيسه عزيز أخنوش رفع ثروته بشكل كبير خلال الأزمة بشهادة المجلة المتخصصة في المجال “فورين أفيرز”.
بعد الموت السريع للطبقة الوسطى سنكون أمام وضع خطير ينتفض فيه من يوجدون في الطبقات الدنيا، لأن الضامن للاستقرار قد انتهى.

Exit mobile version