إدريس عدار
يصعب على السياسي أحيانا التمييز بين القبعات التي يرتدي..فهو المسؤول الحزبي والزعيم النقابي وأحيانا المسؤول الحكومي..العثماني يجمع بين الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ورئاسة الحكومة..أمر طبيعي مادام الدستور ينص على أن رئيس الحكومة يكون من الحزب الذي يفوز بالرتبة الأولى..غير الطبيعي أن يختلط الأمر على صاحبه.
خلال استضافة العثماني من قبل البرلمان بغرفتيه لمناقشة حصيلة الحكومة، نطق بعبارات كثيرة مثيرة من قبيل أن الحكومة تعمل كفريق واحد، وهذا غير صحيح يعرفه الجميع، لكن ما أثارني هو حديثه من جديد عن القاسم الانتخابي، معتبرا أن اعتماد شكلا من أشكال القاسم الانتخابي ارتداد عن الديمقراطية وما إلى ذلك..لست معنيا كثيرا بالقاسم الانتخابي إلا من حيث كونه موضوعا للنقاش، فأنا ما زلت مترددا على من سأصوت بعد عقد من كنت أصوت عليهم حتى وأنا متأكد بأنهم لن ينجحوا..أصوت، اختيار. وعلى من؟ اختيار أيضا..
شد انتباهي حديث العثماني عن القاسم الانتخابي..هذه قصة تهم مناقشة القوانين الانتخابية..المتضرر منها حزب العدالة والتنمية..هو الذي دافع عن النمط السابق، وخصومه كان لهم رأي آخر باستثناء فيدرالية اليسار الديمقراطي التي كانت ضد القاسم الانتخابي من غير الاتفاق مع العدالة والتنمية..يرى الحزب أن الأحزاب الأخرى تريد استغلال هذه الطريقة للإطاحة به، بل ذهب إلى اتهام الداخلية أو جهات في الدولة أنها هي التي حركت الأحزاب للقبول بنمط جديد للقاسم الانتخابي.
من حق حزب العدالة والتنمية أن يدافع عن الطريقة التي يراها نافعة بالنسبة إليه..لكن ما علاقة الحكومة بالموضوع؟ العثماني كان في البرلمان بقبعة واحدة هي قبعة رئيس الحكومة..جاء ليقدم حصيلتها..لا يهمنا الخصومة بين أطرافها فهو مسؤول عن التنسيق بين وزراء حكومته..
لكن رئيس الحكومة تحدث عن “القاسم الانتخابي” وهو قصة حزب سياسي، بينما الحكومة في شخص وزارة الداخلية هي التي جاءت بالقانون الذي صادق عليه البرلمان..كيف ولماذا؟ عليهم أن يناقشوها بينهم..هنا كلامنا عن قبعتين فوق رأس العثماني، يستحيل الجمع بينهما إلا في رأس من يريد خلط الأوراق قبيل الانتخابات. ليس وحده من يفعلها..وزير ذهب لتدشين مشروع في منطقة معينة مصحوبا بالمسؤول الحزبي في المنطقة..هي قصة القبعتين.
ينسى رجل السياسة أنه لما يتم انتخابه يكون قد أنهى مرحلة وبدأ أخرى..المنتخب يصبح مسؤولا عن الجميع..من صوت له ومن عارضه وحتى من أزعجه..رئيس الحكومة ليس رئيس حكومة حزبه..هو رئيس للجميع وهذه قبعته..لما يكون في تجمع حزبي له الحق في الدفاع عن حزبه وهذه قبعة أخرى..عندما يكون في حزبه ويتحدث عن الحكومة يكون قد جمع بين القبعتين، إلا في حدود تقديم الحساب عن التسيير باعتباره يسير باسم الحزب الذي يتزعمه.
يزعم العثماني أنه دارس لعلم النفس وأنه معالج في الميدان..لماذا لا يطبق قواعده كي يتمكن من الفصل بين القبعتين؟
العثماني ذو القبعتين
