Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

العدالة تُدين الكراهية: الحكم على زعيمة يمينية متطرفة بالسجن في إسبانيا بعد تحريضها ضد المغاربة والمسلمين

في خطوة غير مسبوقة، أدانت محكمة إسبانية الزعيمة اليمينية المتطرفة إيزابيل بيرالتا بالسجن لمدة سنة نافذة، بتهمة التحريض على الكراهية والعنف ضد المسلمين والمهاجرين المغاربة. الحكم الذي أثار اهتمام الرأي العام الإسباني والدولي، يأتي في سياق متصاعد من التوترات المرتبطة بخطابات اليمين المتطرف، خاصة تجاه الجاليات الأجنبية في أوروبا.

خلفية القضية: مظاهرة أمام السفارة المغربية

تعود وقائع القضية إلى ماي 2021، حين نظّمت بيرالتا، التي كانت تبلغ من العمر 18 عاماً آنذاك، مظاهرة أمام السفارة المغربية في مدريد، في خضم أزمة دبلوماسية بين المغرب وإسبانيا على خلفية استقبال زعيم “البوليساريو” للعلاج في الأراضي الإسبانية. خلال تلك التظاهرة، ألقت بيرالتا خطاباً نارياً وصفت فيه المهاجرين المغاربة بـ”الغزاة”، ودعت علانية إلى طردهم وقتلهم، فيما اعتبره القضاء الإسباني تحريضاً مباشراً على العنف والكراهية العرقية.

“دور قيادي وتحريض مباشر”

بحسب حيثيات الحكم، فإن بيرالتا لعبت “دوراً قيادياً واضحاً” في هذه التظاهرة، وكانت على دراية بالصدى الإعلامي الذي ستخلفه تصريحاتها. وعلى الرغم من عدم نشرها للمحتوى المحرّض بنفسها على المنصات الرقمية، إلا أن مشاركتها في الحدث وخطابها العلني كانا كافيين لإدانتها وفق القانون الجنائي الإسباني.

كما رفضت المحكمة جميع المبررات التي قدمتها هيئة الدفاع، ومنها صغر سنها أو عدم إدراكها لعواقب تصريحاتها، معتبرة أنها كانت على وعي تام بما تقول، ولا يمكن اعتبار ما قامت به “زلة شابة متهورة”، بل “فعلاً تحريضياً محملاً بخطورة قصوى”.

محاربة خطاب الكراهية في الفضاء الرقمي

شمل الحكم أيضاً إلزام المتهمة بحذف جميع المقاطع المرتبطة بالمظاهرة من منصات التواصل الاجتماعي، وتحمّل تكاليف المحاكمة، في إشارة قوية إلى أن الفضاء الرقمي ليس خارج نطاق المحاسبة القانونية. وقد أكدت السلطات أن هذا القرار لا يستهدف الآراء السياسية المعارضة، بل الأفعال التي تهدد السلم الاجتماعي وتحرض على العنف ضد فئات بعينها، خاصة الضعيفة منها.

من هي إيزابيل بيرالتا؟

بيرالتا تُعدّ من أبرز الوجوه الشابة في منظمة “باستيون فرونتال” (Bastion Frontal)، وهي حركة متطرفة تُصنف كـ”نازية جديدة”، تشتهر بخطابها العرقي والقومي العدائي، لا سيما ضد المهاجرين والمسلمين. وتقدم نفسها على أنها “حركة شبابية وطنية”، لكنها عملياً تتبنى أيديولوجيات متطرفة تثير المخاوف من تصاعد العنف اليميني المنظم في إسبانيا.

دلالات الحكم: بين الردع وحماية السلم الاجتماعي

يمثل الحكم ضد بيرالتا رسالة واضحة بأن القضاء الإسباني عازم على مواجهة مظاهر الكراهية والتطرف، خصوصاً عندما تتخذ شكل التحريض العلني على العنف. ويُنظر إليه كمؤشر على بداية مرحلة أكثر صرامة في التعامل مع الحركات اليمينية المتطرفة، التي بدأت في السنوات الأخيرة تستقطب الشباب وتنتشر بشكل مقلق في العديد من المدن الأوروبية.

وفي وقت تتصاعد فيه حدة الخطاب العنصري في أكثر من بلد أوروبي، يأتي هذا الحكم كخطوة هامة نحو تكريس مبادئ التعايش واحترام التعدد الثقافي، ورفض تحويل الاختلافات إلى ذريعة للتحريض والتمييز. إدانة إيزابيل بيرالتا ليست فقط انتصاراً للعدالة، بل أيضاً دعوة لحماية القيم الديمقراطية والعيش المشترك.

Exit mobile version