علاقتنا مع فرنسا لا تحتاج إلى تجديد فقط بل إلى تقييم وتقويم ، لذلك كفانا مظلومية بنفحة دونية ، فلنؤهل قوتنا التفاوضية بجدية ومسؤولية ، ولنؤسس لعقيدة جديدة في تعاملنا مع الجوار وفلول الإستعمار . ولنخاطر نحو تنافسية ندية تغنينا عن لعب أدوار جمركي الحدود ودركي المنطقة الشرق متوسطية والشمال الإفريقية ومحيطها . صحيح أن لنخبتنا الفرانكوفونية بعض الحقوق المكتسبة وجب مراعاتها ولكن بعيدا عن أي تقديس أو تنميط وتخليد ، وإلا تحولت العلاقات التعاقدية حمايات ترهن مصير الوطن وكرامته وسيادته . لقد حان الوقت لإعادة قراءة ماضينا اامشترك مع الخوارج الرأسمالية والوهابية ، من بوابة الذاكرة الأمنية وسردياتها ، ولعل مؤرخينا وباحثينا في الأرشيف والتوثيق سيلاحظون بأن فرنسا تعيش هذه الأيام نفس الوضعية التي عاشتها خلال بداية عقد الأربعينيات من القرن الماضي ، في علاقتها مع مستعمراتها و” مقاومتها ” للغزو النازي الألماني والفاشي الإيطالي ، وفي علاقتها المتوترة ضمنيا مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ورغم عدم تماثل الوقائع ، فإن نفس المواقع تعرف تحولات لها ما بعدها ؛ ويكفي أن نذكر بأن الحركة الوطنية والمقاومة المغربية استفادت من وقائع إنهزام فرنسا في الحرب العالمية الثانية وتوقيعها لاتفاقية الهدنة مع ألمانيا هتلر ، وتخاذل حكومة فيشي اليمينية برئاسة المارشال بيتان الذي اتهم انجلترا بالتراخي ومسؤولية الهزيمة وعدم الدعم الكافي من طرف أمريكا التي إستغلت الظرفية فأسست لها قواعد عسكرية في المغرب ، هذه الوقائع التي إنطلقت بالتركيز خلال الفترة ما بين سنتي 1940 و1942 وساهمت في التخلص من الخوف و التردد والإعلان عن عرائض المطالبة بالإستقلال ، والبقية معروفة ، فهل نعيش نفس لحظة اليقظة والحس الوطني لكن ندشن لعهد جديد عنوانه المطالبة بالإستقلال الثالث ، فمن سيأخذ زمام المبادرة تفاديا لمتاهات أسطورة سيزيف وسؤال من سيعلق الجرس !
مصطفى المنوزي
العلاقة مع فرنسا بين الحرب العالمية الثانية و الإستقلال الثالث
