كشفت مصادر مطلعة، أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء شرعت في البحث التمهيدي بخصوص ملف صفقات أبرمتها وزارة الصحة خلال فترة جائحة كوفيد19، حيث استمعت الفرقة الوطنية، لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، حول الشكاية التي تقدمت بها جمعيته رفقة الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة “ترانسبرانسي المغرب”، ضد وزارة الصحة، بخصوص شبهات حول صفقات أبرمت خلال فترة جائحة كوفيد19، وتتعلق القضية، بشبهة خروقات في عشرات صفقات كوفيد، منها منح صفقات لشركات ليس لها ترخيص، ومنح صفقات بأسعار مضاعفة.
وكانت صفقات وزارة الصحة خلال تدبير جائحة كورونا، قد أثارت الجدل، في الوقت الذي كشف فيه تقرير برلماني وجود اختلالات شابت تدبير الصفقات التفاوضية للوزارة، والتي بلغت 333 صفقة لمواجهة الجائحة، وأكد تقرير مهمة استطلاعية بمجلس المستشارين وجود خروقات قانونية للمبادئ والقواعد الأساسية لإبرام الصفقات العمومية. مسجلا أن وزارة الصحة وخلافا للقانون قامت بمنح صفقات تفاوضية لاقتناء مستلزمات طبية ومستحضرات لشركات مجهولة لا تتوفر على شواهد التسجيل، فضلا عن ازدواجية تعاملها مع طلبات تسجيل المقاولات، وضربها قواعد المنافسة الحرة والنزيهة، واشتغال مقاولات في مجال الأدوية والتجهيزات الطبية دون تراخيص، ومنح صفقات لشركات غير مرخصة.
ورصد التقرير محاباة بعض الشركات على حساب أخرى في الطلبيات العمومية، فضلا عن إبرام، مع التأخر في إبرام وتنفيذ الصفقات، بشكل عطل السلطات الصحية عن مواجهة الجائحة في الوقت المناسب، وهو ما عرض صحة المواطنين والعاملين للخطر إزاء هذا التأخر غير المبرر.
وكان تقرير المهمة الاستطلاعية التي شكلتها لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، حول الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة في ظل جائحة كوفيد 19، قد كشف خروقات شابت هذه الصفقات، منها “قيام وزارة الصحة بإبرام عدد كبير من الصفقات التفاوضية مع شركات غير مسجلة قانونا لديها، وذلك لاقتناء مستلزمات أو مستحضرات طبية، وهو ما يخالف صريح المقتضيات القانونية والتنظيمية المؤطرة لهاته المجالات ذات المخاطر العالية والحساسية المطلقة، وذات التأثير المباشر على صحة وسلامة الأطقم الطبية والمرضى وأسرهم وعموم المواطنين”.
وأضافت اللجنة في تقريرها أنه “كان من المفترض أن تحرص مديريات ومصالح وزارة الصحة، بشكل مبدئي، على احترام القوانين المؤطرة للترخيصات المطلوبة، ولتسجيل الشركات والبضائع على حد سواء، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تتغافل أو تتجاهل أو تخرق هاته القواعد الأمرة، والتي لا يمكن تبرير مخالفتها بفترة الجائحة، بالنظر للمخاطر الكبرى التي تمثلها على صحة وسلامة وحياة المواطنين”.
واعتبرت اللجنة أن ترخيص وزارة الصحة لشركات غير مسجلة لديها، وغير مرخص لها قانونيا بإنتاج واستيراد المستلزمات الطبية، يعتبر “مخالفة صريحة للنصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة للنفقات وللطلبيات العمومية، وقد يمثل شبهة في تبديد المال العام، إذ كان عليها منع هاته الشركات من إنتاج وتسويق واستيراد منتجاتها، فأحرى أن تتعاقد مصالحها معها وتمنحها صفقات على حساب مئات الشركات المشتغلة بشكل قانوني”.
وكشفت اللجنة كذلك عن توجيهها لعدة مراسلات رسمية لوزارة الصحة، ولمديرية الأدوية لتبرير لجوئها لإبرام الصفقات مع شركات غير مرخص لها قانونا، وتقديم التفسيرات عند الاقتضاء، إلا أن الوزارة امتنعت عن التجاوب معها، مما يؤكد حسب اللجنة أن هاته الشركات لا تملك الشروط القانونية للولوج للطلبيات العمومية وتزويد الوزارة بمنتجات طبية، معتبرة أن الامتناع عن تزويد اللجنة بالوثائق المطلوبة، يعد استهتارا وسوء تعامل مع السلطة التشريعية، لافتة إلى أن تعاقد وإبرام الوزارة لصفقات تفاوضية مع هاته الشركات، غير المرخص لها وفق أحكام المادة 7 من القانون المذكور، يعتبر مخالفة صريحة للقانون، ويحتمل شبهة تبديد المال العام لعدم قانونية هاته الصفقات، وعدم صحة وسلامة المساطر القانونية الواجبة بهذا الخصوص.
وعرفت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية الدار البيضاء محاكمة مسؤولين ومدراء مصالح بوزارة الصحة، إذ عقدت الخميس 14 مارس 2024 جلسة جديدة، عرفت الإدلاء بشهادات واعترافات جديدة، وتتم متابعة هؤلاء، إلى جانب مسيري شركات أدوية ومهندسين وصيدلاني، من أجل “تذليل وتسهيل تمرير ونيل صفقات عمومية خلال السنوات الفارطة تهم عمليات توريد واقتناء أجهزة ومعدات طبية مخصصة لتجهيز مستشفيات القطاع العام، مقابل الحصول على عمولات وتلقي مبالغ مالية ومنافع عينية”.
وبدأ الاستنطاق في هذا الملف منذ 29 مارس 2022، تاريخ تقديم الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أمام النيابة العامة 31 شخصا مشتبها فيهم، بناء على شكاية من وزارة الصحة سنة 2019، قبل أن تعقد أولى جلسات المحاكمة في 27 مارس 2023.
و استمعت هيئة الحكم لمهندس كان مكلفا بتزويد بعض المراكز الصحية في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة بمعدات وتجهيزات، إذ لم يخف كون شركته نالت بعض الصفقات لتزويد مركز للمعاقين، وأنه زوّد المركز بهذه المعدات خارج التاريخ القانوني لأن الأمر كان مستعجلا، مُدليا ببعض الوثائق التي تفيد ذلك، و الجلسة عرفت استدعاء متابع آخر، كان يُمثل شركة لتوريد الأجهزة الطبية، وقد تركزت الأسئلة الموجهة إليهم حول عدم تسليم معدات لمستشفى القرب في إمزورن، وعن جهاز طبي يشتبه تغييره بآخر بعد تزويد المستشفى به.
الفرقة الوطنية تستمع للمتشكين في ملف خروقات صفقات “كوفيد”
