Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الفيلسوف السينغالي بشير ديان: هناك وحدة إفريقية تقوم على التبادل الثقافي والفكري

أجرت الحديث: سناء الشاهدي (و م ع)

أكد الفيلسوف السنغالي، سليمان بشير ديان، أمس الثلاثاء، أهمية استعادة التراث الفني الإفريقي وإسهامه في إعادة بناء الذاكرة الإفريقية، وذلك خلال مشاركته في لقاء حول التراث الفني الأفريقي انتظم في إطار الدورة ال28 للمعرض الدولي للنشر والكتاب المنعقدة حاليا بالرباط.
وأشار الأستاذ في جامعة كولومبيا بنيويورك أن هذا التراث المجتث من أرضه يتكون من قطع أثرية ذات طابع روحي وديني ستمكن استعادتها من إعادة ربط الأفارقة مع ثقافتهم.
في هذا الحوار، يقدم البروفيسور ديان رؤيته المتفردة لمقاربة استعادة الأعمال الفنية الأفريقية والحفاظ عليها وتقاسمها والأخلاق العلائقية الجديدة الناشئة عن تداولها.

1. كيف تنظرون إلى الإشعاع الإفريقي في أبعاده الثقافية والفنية والفلسفية وحتى السياسية؟ وكيف نروج للخصوصية الإفريقية بكل بهائها وتنوعها وخاصة في جوانبها الهوياتية والفنية؟

في واقع الأمر أنا متفائل، لأنه من المهم أن نرى المفكرين الأفارقة يجتمعون للتفكير معا في التوجهات التي تسلكها هذه القارة والاتجاه الذي تختاره. هذا هو السبب في أن هذه الأصداء تعيد تشكيل نوع من الوحدة لإفريقيا التاريخية والانتماء الإفريقي. اليوم، هناك وحدة تقوم على التبادل الثقافي والفكري. وقد كان اللقاء الذي شاركت فيه (أمس الثلاثاء) بالنسبة لي تجربة بناءة تماما وتجربة ثرية.
بخصوص الخصوصية الإفريقية، يمكن أن أقول إن أفريقيا تحقق إشعاعا حاليا، الأمر يتعلق ببساطة بتجميع وإحداث نوع من التلاقي بين الخبرات والمخيالات التي يتم التعبير عنها هنا وهناك بأشكال مختلفة، خاصة الثقافية والفنية.
من المهم العمل على سبيل المثال على جعل الفنون الإفريقية التي تتطور اليوم، بما في ذلك الفنون المعاصرة، تتفاعل مع بعضها البعض بشكل منتظم.
لذلك، من الضروري التفكير في المستقبل الإفريقي وفق تفكير مشترك يحمله الأفارقة في القارة الأفريقية. يحدث أن نلتقي كثيرا لكن غالبا ما نلتقي خارج إفريقيا في مؤتمرات تنظمها جامعات أوروبية أو أمريكية. أعتقد أنه من الضروري اليوم أن يكون لدينا فضاء مثل هذا الذي يستقبلنا الآن، وأن نلتقي على أرض أفريقية لنفكر، ليس فقط في تاريخنا المشترك، ولكن أيضا في المستقبل الذي نتشاركه ونبنيه معا.

2. يستحضر هذا اللقاء استعادة تراث القارة الأفريقية الذي هو في حد ذاته إعادة بناء لذاكرة سكانها. كيف تنظر إلى قضية حفظ وتقاسم الأعمال التراثية المعادة إلى الوطن؟

في الواقع، من الضروري إعادة تشكيل ذاكرة إفريقية مندغمة في المصوغات الفنية التي تم انتزاعها من هذه القارة. هذا هو السبب في أن استرجاع التراث أمر أساسي. هذا مطلب قديم قدم الاستقلال الأفريقي على الأقل. من المهم إثارة مسألة الاسترجاع مجددا وأن تتلوها إجراءات عملية. هذا أمر نعاينه حاليا. ولكن بعيدا عن استرجاع الذاكرة هذا، فإن الأمر يتعلق ببناء مستقبل أفريقي معا من هذه الذاكرة. يمكن الحديث هنا عن إحداث تناغم بين المتاحف الإفريقية التي تعد متاحف تاريخ الفن ومتاحف للفن المعاصر. كما أن حركية الفن هي أيضا حركية بين الأفارقة، وهذا يمكن أن يضع في نهاية المطاف نهاية للانقسام المصطنع الذي نشأ بين شمال إفريقيا والذي ينظر صوب أوروبا والبحر الأبيض المتوسط، وإفريقيا جنوب الصحراء المنغلقة على نفسها وعلى هويتها الخاصة.
في رأيي، يجب تفعيل هذه الحركية بين مختلف المؤسسات المتحفية وفناني القارة. وهو أمر يجب تفعيله أيضا مع بقية العالم.

3. ما هي الرهانات الثقافية والمتحفية والفلسفية لاستعادة التراث الفني الأفريقي؟

بالنسبة لي، من المهم أن تتم عملية الاسترجاع هذه حتى تتمكن المتاحف الأفريقية من إثراء نفسها بالتحف التي تم إبداعها في إفريقيا. من خلال هذا الاسترجاع، يمكن للمتاحف الأفريقية أن تضطلع بدورها في التبادلات الدولية وأيضا في الحركية الدولية للأعمال الفنية. عندما تتمكن متاحف الجنوب من تصبح متاحف إعارة، فستكون هناك حركية للفن العالمي بالطريقة نفسه التي يوجد بها أدب عالمي. وسيكون لهذا الفن العالمي البنيات التحتية المتحفية التي يعتمد عليها.

4. بالنظر لانتمائه الجغرافي وعلاقاته التاريخية مع إفريقيا، يمنح المغرب أولوية للقارة في سياسته الخارجية، ويكثف جهودها لتعزيز هذا الانتماء وترسيخه من خلال التعاون بين بلدان الجنوب في جميع المجالات. ما تقييمكم للمبادرات التي قامت بها الرباط لتعزيز الإشعاع الإفريقي، سيما على المستوى الثقافي، في العالم؟

يتمتع المغرب بموقع جغرافي ومكانة تاريخية خاصين، ويضطلع بمهمة إنشاء روابط. ولطالما كانت للمملكة سياسة ثقافية حقيقية لم تفتأ تتعزز في السنوات الأخيرة مع الانفتاح على إفريقيا. وهي اليوم في طليعة الفاعلين في التعاون بين بلدان الجنوب، بينما تنتهج سياسة اقتصادية هجومية بالكامل بالمعنى الجيد للكلمة، تجاه القارة الأفريقية. وإلى جانب القضايا الاقتصادية، يمثل المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي يجمعنا اليوم اللحمة الثقافية. أنا أقدر بشكل خاص للمقاربة المغربية لبناء التعاون في مختلف المجالات على ثقافة مشتركة.

5. أنت تحضر اليوم فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي يشكل فضاء للنقاش والتفكير، هل يمكن أن تقدم لنا، باعتبارك فيلسوفا إفريقيا، رؤيتك للأدب والفلسفة باعتبارهما وسيلة لتبادل المعرفة سيما في بعدهما الأفريقي؟

في رأيي، فإن رجال ونساء الخيال والإبداع، وهم الكتاب والكاتبات، لهم دور مهم عندما يتعلق الأمر باستباق المستقبل. أعتقد أن الأدب في جانبه الشعري، والإبداع، والترجمة، كلها لها وظيفة استباقية تقريبا. يشعر الفنانون والكتاب بالأشياء قبل أن يفكر فيها المنظرون والفلاسفة بطريقة ما. أعتقد، في الواقع، أن الأدب باعتباره تعبيرا عن المخيالات والرغبات له دور مهم يضطلع به من خلال هذه القدرة التي يتعين أن نطورها في قارتنا، وهي استباق المستقبل من أجل أن نتمكن من توجيهه بشكل أفضل.

Exit mobile version