Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

القاسم الانتخابي وعزلة البيجيدي

فرض حزب العدالة والتنمية على نفسه عزلة غير مسبوقة منذ أحداث 16 ماي الإرهابية سنة 2003، التي كان يتهم فيها بالتحريض المعنوي، وانحنى للعاصفة حتى مرت ورفع رأسه منفوخا برياح “الربيع العربي”، غير أنه أراد اليوم فرض توجه ميكانيكي لفهم الديمقراطية ودور الانتخابات فيها، فبعد عشر سنوات من تجريب نوع من القاسم الانتخابي تسير الأحزاب نحو تجربة مختلفة.

ما الذي يزعج العدالة والتنمية؟ طبعا باعتماد القاسم الانتخابي وفق عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، سيخسر الكثير من المقاعد، التي كان يربحها ضدا على أحزاب صغرى رغم أن المقاعد التي يحصل عليها لا تمثل قوته الانتخابية.

سنمثل لذلك. وهذا الكلام لم نقله اليوم فقط ولكن قلناه عقب انتخابات 2011 وانتخابات 2016. إذ لا يعقل أن حزبا حصل على حوالي 700 ألف صوت في الانتخابات التي أعقبت التصويت على الدستور الجديد، ولم يحصل على أي مقعد برلماني، ولو مقعد واحد، بينما حصل العدالة والتنمية حينها على مليون وربع مليون صوت تقريبا ب107 مقاعد برلمانية. وفي انتخابات 2016 حصل على 127 مقعدا برلمانيا بعدد أصوات لم يتجاوز مليونًا و800 ألف صوت. وحصل حزب على 800 ألف صوت دون أي مقعد.

أين تبخرت 700 ألف صوت التي هي نفس عدد الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية وتقريبا حزب الأصالة والمعاصرة؟ أليس ظلما أن تلهف الأحزاب المتغولة أصوات الأحزاب الصغيرة؟

وجود الأحزاب الصغيرة في البرلمان ممثلة ببضعة مقاعد ليس مضرا بالعملية الديمقراطية، ومن يعتقد أنه جزء من البلقنة فهو لا يفهم الديمقراطية إلا ميكانيكيا، في غياب تحالفات ميدانية تبقى الأحزاب الصغرى تجسيدا لتعبيرات اجتماعية في أماكن ومناطق معينة لا تتجاوزها، وليس بمستطاع الأحزاب الكبرى تمثيلها، وبالتالي من العيب الديمقراطي أو من الزيف الانتخابي إلغاء هذه التمثيلات الصغيرة.

ليس العيب في وجود أحزاب صغرى في البرلمان، لكن العيب في الثقافة السياسية، التي لا تستطيع جمع التشكيلات الصغيرة في فرق برلمانية أو التحاق المجموعات الصغيرة بالأحزاب الكبيرة والمتوسطة من أجل تشكيل تحالفات جيدة ومعبرة.

قبلت كل الأحزاب بالقاسم الانتخابي الجديد، الذي تداخلت فيه عوامل سياسية وسوسيولوجية، باستثناء العدالة والتنمية، الذي طلع إلى ظهر الجبل وأراد أن يلعب فيها الحزب المظلوم، ولكن الحقيقة غير ذلك، هو أن الحزب الأغلبي يعرف أن عشر سنوات هتكت طهارته المزعومة ونزعت لباس التقوى الذي كان يدعيه، حيث أقر العديد من القوانين التي أضرت كثيرا بالمواطن، وبالتالي هو يعرف أن كثيرا من الأصوات سوف يفقدها، ولهذا يهيئ الرأي العام ويهيئ أعضاءه لأي تراجع انتخابي يمكن أن يعرفه، لأنه صور لنفسه الفوز في الانتخابات التشريعية سنة 2011 بأنه نصر إلاهي وتمكين للدعوة، ومن هنا أي تراجع لن يكون لمصلحته، وبالتالي يلعب لعبة رفض القاسم الانتخابي.

Exit mobile version