Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

القفة “السياسية”

انتفضت مجموعة من الأحزاب السياسية ضد القفة “السياسية”. وما كان مجرد حديث هنا وهناك وموضوع تصريح صحفي أصبح اليوم بيانا يهم أحزابا سياسية عبّرت عن قلقها البالغ من استغلال العمل الخيري لأغراض سياسية، خصوصا ما ظهر منه خلال شهر رمضان المعظم، الذي يأتي على مقربة من تنظيم الانتخابات بكافة أصنافها، مستغلا حاجة كثير من المواطنين للمساعدة، قصد تحويل هذا العمل النبيل إلى مجرد “طعم” يصطاد به أصوات الناخبين.
الأحزاب التي خرجت عن صمتها أحست بأنها متضررة وأنها سوف تدخل المعركة الانتخابية منهزمة قبل البداية، مادامت شروط المنافسة الشريفة غير متوفرة بشكل نهائي ومطلق، فكيف لحزب وزّع مئات الآلاف من القفف الرمضانية والمساعدات العينية وغيرها أن يتساوى بأحزاب ليس من هذا الفعل أي نصيب؟
قالت العرب قديما “بلغ السيل الزبى” ويقول المغاربة في كلامهم البليغ “الجنوي وصلت للعظم”. يعني أن انتفاضة الأحزاب جاءت كآخر صرخة من أجل حماية التنافس الديمقراطي من هذا الانتهاك الخطير لقواعد المساواة في الوسائل والأدوات، التي جعلها الدستور واضحة.
طبعا هناك عملية التفاف خطيرة تقوم بها بعض الأحزاب السياسية، حيث يتم تقديم “الرشاوى” في شكل إعانات رمضانية، وليس من داخل الحزب، ولكن بواسطة جمعيات يتم تأسيسها لهذا الغرض. من حيث الشكل فإن من حق أي شخص أن يقوم بتأسيس جمعية للعمل الخيري والاجتماعي، على أن تكون واضحة المعالم والتمويل، لكن استغلال الجمعية واستغلال وسائل الدولة لتمرير الصفة الحزبية يضرب في جوهر الديمقراطية.
لنضرب مثالا عن الاستغلال السياسي لقضايا غير سياسية. خطيب جمعة معروف عند المواطنين الذين يؤدون صلاة الجمعة. لا يشارك في الحملة الانتخابية، ولا يقوم بالدعاية لأي حزب سياسي، لكنه دائم الحضور والرفقة للمرشح قبيل الحملة الانتخابية. هذا يضع العملية الانتخابية موضع الشبهة.
الجمعية التي يرعاها زعيم الحزب السياسي، وهو دائم الحضور إلى جانب أعضائها، ويعلن دعمها ومساندتها، فستنقلب كل أشكال الدعم يوم الانتخابات لفائدته.
بوضوح تام هناك حزبان سياسيان في المغرب يسيطران على العمل الاجتماعي والخيري المسيس. حزب التجمع الوطني للأحرار، بقيادة عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، والعدالة والتنمية بقيادة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة. من الأكثر الأحزاب التي تعمل على خلق الناخب الزبون، بدل صناعة الناخب المقتنع بالبرنامج السياسي أو على الأقل المقتنع بأخلاقيات المرشح. الناخب الزبون يصوت على كل من يرشحه الحزب، الذي يمنحه قفة رمضان وكبش العيد.
لكن الأدهى والأمر هو استغلال المناصب الحكومية، في تمرير تمويلات للجمعيات المحسوبة عليهم، بينما لا تحظى الجمعيات غير المسيسة سوى بالفتات من الدعم، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، بينما الجمعيات المرتبطة بديناصورات السياسة فإنها تحظى بدعم كبير جدا. اليوم نحن أمام مطلب مهم. التحقيق في تمويل جمعيات من المال العام وأخرى من صناديق دولية لا تعطي دينارا لأجل الله.

Exit mobile version