Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

القوانين الانتخابية وعزلة “العدالة والتنمية”

قبيل الانتخابات تتحرك الآلة الحزبية بشكل كبير، وفي الغالب يصبح كل حزب بما لديهم فرحون، مع العلم أن هذه الفترة هي للنقد الذاتي حتى يعرف الحزب ما الذي حققه وما الذي لم يحققه، كي يراجع برنامجه الانتخابي، لكن شيء من هذا لا يحصل في بلدنا، حيث اقتراب موعد الانتخابات هو فرصة دائما لتكشف الأحزاب عن أنيابها وتطلعها للمناصب المدرة للريع، وكل نقاش حول القوانين الانتخابية، يروم خدمة الأحزاب السياسية ومصالحها، وأحيانا يتم ضرب كل التوافقات من أجل مصلحة حزبية ضيقة.

الخلاف اليوم يدور حول القاسم الانتخابي، بين أن يكون من عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية أو عدد المصوتين، وفي الوقت الذي اجتمعت الأحزاب السياسية أغلبية ومعارضة حول توجه واحد بقي حزب العدالة والتنمية متشبثا بمطلبه، وطبعا اتفاق الأحزاب الأخرى ستتم ترجمته إلى أصوات في البرلمان، وبالتالي سيكون القانون متوفرا على العدد الكافي لتمريره، لكن الحزب الإسلامي، الذي قاد الحكومة لمدة عشر سنوات، يرفض أن يكون على انسجام مع الأحزاب الأخرى.

منطقيا من حق حزب العدالة والتنمية أن يتبنى الموقف الذي يريد، لكن عليه أن يعرف أن العشر سنوات، التي قضاها في الحكومة، لم تكن بالعدد الذي حصل عليه في الانتخابات، التي بوأته الرتبة الأولى ولكن أيضا بالتوافقات، وهي توافقات متعددة وعلى مستويات كبيرة، ومنها توافقات حزبية، وهل كان بإمكان الحزب الإسلامي أن يقود الحكومة لولا التوافقات الحزبية؟

فالحزب السياسي ليس وحدة معزولة ولكنه جزء من سلسلة معقدة، تبدأ من الانتخابات وتنتهي عند الناخب، فليس الحزب هو حزمة طموحات شخصية يتبناها أعضاؤه وقادته، ولكن هو أيضا التزامات وتعاقدات مع الناخبين، وهذه التعاقدات تقتضي التوافقات، وأهم توافق هو على القوانين الانتخابية.

حزب العدالة والتنمية يقود الحكومة وبالتالي كان عليه أن يكون هو الجزء الأهم من المكونات السياسية، لكنه اليوم فضل العيش بعزلة وسط النقاشات المتواصلة حول الانتخابات، وفضل أن يركب الجبل، ناسيا أن وجوده هو أصلا نتيجة توافقات، فأي حديث عن القانون دون فلسلفة وروح هو حديث كاذب ومغالطة خارج المنطق ومصادرة على المطلوب.

حزب العدالة والتنمية يحاول خلق روح من التوتر داخل المشهد السياسي، لأن ما يقوم به يزعزع فلسفة التوافق التي تقوم عليها الديمقراطية في المغرب، والديمقراطية ليست ميكانيكية كما يريدها الحزب، ولو كانت كذلك ما جاء هو أصلا إلى الوجود، لأن ميلاده كان نتيجة توافقات معينة، ولا يمكن أن نقتل فلسفة القانون من أجل طموحات ولدت في زمن يعتقد فيه الحزب أنه قوة كبرى بينما لا يتعدى الذين صوتوا عليه مليون و800 ألف ناخب، مع العلم أن حزبا صغيرا حصل على 800 ألف صوت ولم يفز بأي مقعد برلماني بما يعني أن الأرقام التي يعتمد عليها تحتاج إلى قراءة تعيده سيرته الأولى.

 

 

Exit mobile version