Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الكوارث و الجفاف يرفع مخاطر البنوك في المغرب

كشف تقرير بنك المغرب والبنك الدولي حول تقييم المخاطر المناخية في القطاع البنكي المغربي أن هذا الأخير معرض لمخاطر مناخية مادية مرتبطة بالفيضانات والجفاف، وأوضح التقرير أنه مدى تاثير الكوارث الطبيعية على جوانب مختلفة، بما فيها العقارات وأصول الشركات وثروات الأسر، الأمر الذي يحد من قدرة المقترضين على سداد ديونهم، موضحا، أن موجات الجفاف يمكن أن تتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة للفلاحين ومربي المواشي، مما سيؤثر بشكل مباشر على البنوك العاملة في القطاع الفلاحي.
ونبه التقرير الى أن من شأن الفيضانات خفض قيمة الأصول والممتلكات، وتعطيل البنية التحتية الرئيسية والتسبب في خسائر اقتصادية في قطاعات مثل النقل والسياحة والفلاحة، و تعرض القطاع البنكي المغربي بصورة متزايدة لمخاطر المناخ، رغم أن تأثير هذه المخاطر قد يختلف من بنك إلى آخر. ومن ثم يؤكد محررو التقرير على ضرورة إرساء سياسات من أجل تقييم وإدارة هذه المخاطر المالية ذات الصلة بالمناخ.
و كشف التقرير تمركز المخاطر الائتمانية في نطاق جغرافي ضيق؛ ذلك أن أكثر من 60 في المائة من إجمالي القروض متمركزة في الدار البيضاء، وتستأثر الأخيرة والرباط ومراكش معا بـ 77 في المائة من إجمالي القروض. وعلى العكس من ذلك، تتركز نسبة 3.5 في المائة فقط من القروض بـ 50 منطقة الأصغر حجما.
وأظهرت الدراسة الاستطلاعية الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تركز المحافظ الائتمانية في قطاعات محدودة، فيما ترتبط هذه التركيزات الجغرافية والقطاعية للائتمان بتداعيات مخاطر المناخ، علما أن التقرير الجديد شمل المخاطر المناخية المادية وتلك المترتبة عن الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون.
ويقيس هذا التقييم مستوى تعرض محافظ البنوك لمخاطر الجفاف والفيضانات وتأثرها باعتماد ضريبة الكربون. كما تتضمن الدراسة أيضا تحليلا لمدى هشاشة البنوك في حالة حدوث صدمات مناخية افتراضية، وتسلط الضوء على التحديات المرتبطة بعدم وجود بيانات دقيقة بما يكفي، وبمدى تعقيد الإحاطة بالتفاعلات بين العوامل المناخية والاقتصادية والمالية.
و يتصدى المغرب حاليا لتحديات كبيرة تتعلق بتغير المناخ. وبوصفها أحد أكثر بلدان العالم معاناة من الإجهاد المائي، تواجه المملكة ضغوطا متزايدة بسبب الجفاف تؤثر بشدة على قطاع الفلاحة على وجه الخصوص. وبالإضافة إلى ذلك، يلوح في الأفق خطر حدوث فيضانات شديدة ومتكررة في المناطق والمراكز الحضرية الرئيسية، فيما تشكل هذه الصدمات المناخية مخاطر ليس فقط على السكان والبنية التحتية والاقتصاد بوجه عام، ولكن أيضا على استقرار وسلامة القطاع البنكي المغربي، وهو محرك رئيسي للنمو الاقتصادي بأصول تبلغ 138 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام.
وتتراوح الآثار الاقتصادية لتغيرات المناخ، حسب التقرير المشترك لبنك المغرب والبنك الدولي، حول تقييم المخاطر المناخية في القطاع البنكي المغربي، في مجموعة متنوعة من سيناريوهات الجفاف، بين 4 مليارات و200 ألف دولار (حدوث موجة جفاف تاريخية مرة واحدة كل 500 سنة)، و7 مليارات دولار (حدوث موجة جفاف مرة واحدة 500 سنة في سيناريو تغير المناخ الشديد في 2050)، وانخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.8 إلى 3.5 نقطة مئوية، مع خفض نسبة كفاية رأس المال للبنوك بنسبة 1.3 في المائة إلى 2.2.
وسلط التحليل الضوء كذلك على الآثار المضاعفة لتغير المناخ على مستوى جميع السيناريوهات، حيث تسبب الفيضانات أيضا أضرارا تتراوح بين 8 مليارات دولار (موجة فيضانات أمطار تاريخية مرة واحدة كل 500 سنة)، و10.5 مليارات دولار (السيناريو التمثيلي في 2025)، ما يؤدي إلى انخفاض إجمالي الناتج الداخلي الخام بنسبة 1.6 إلى 2.2 في المائة. وبخلاف الطبيعة طويلة الأمد للجفاف، تبرز الفيضانات قصيرة الأجل، التي تؤدي إلى آثار ليست كبيرة على خسائر القروض ورؤوس أموال البنوك.

يمكن أن يواجه القطاع البنكي المغربي، حسب تقرير بنك المغرب والبنك الدولي، مخاطر متصلة بعملية التحول بسبب التغيرات في السياسات وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة. ورغم ضعف نسبة المغرب في إطلاق الانبعاثات على المستوى العالمي (0.16 في المائة)، إلا أن هذه الانبعاثات في المملكة آخذة في الارتفاع، ما قد يزيد من المخاطر المرتبطة بالتحول في القطاعات كثيفة الانبعاثات الكربونية، مثل توليد الكهرباء والنقل والتعدين والفلاحة والصناعات التحويلية والمرافق.
وأبرز التقرير حول تقييم المخاطر المناخية في القطاع البنكي المغربي أنه رغم إمكانية تدبير وإدارة الآثار المناخية المجمعة على القطاع المذكور، إلا أن الأثر المالي يختلف من بنك إلى آخر، ما يتطلب مزيدا من الاهتمام من جانب المؤسسات المالية وبنك المغرب.
وتختلف آثار المخاطر المادية ومخاطر التحول (نحو اقتصاد منخفض الكربون) بصورة كبيرة بين المؤسسات، مع وجود قيم متطرفة منخفضة وعالية تبعا للتركز الجغرافي والقطاعي لمحافظ القروض.
وشدد التقرير على ضرورة أن تدمج البنوك المغربية مخاطر المناخ في ترتيبات تدبير وإدارة المخاطر والحكامة، وفي الوقت نفسه يستجيب بنك المغرب بوضع إرشادات رقابية أكثر تفصيلا للبنوك، خصوصا فيما يتعلق باختبار القدرة على تحمل الضغوط وإعداد التقارير، ويعمل على دمج المخاطر المناخية في الممارسات الرقابية، بهدف المواءمة مع المعايير العالمية مثل “مبادئ لجنة بازل” لإدارة المخاطر المناخية ومتطلبات الإفصاح المتعلقة بالاستدامة في إطار المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية.

Exit mobile version