اللقاح في المغرب أصبح مثل ثعلب الأديب المغربي الراحل محمد زفزاف، يظهر ويختفي، وله أوجه عديدة تدل دلالة واضحة على اضطراب التدبير الذي تقوم به وزارة الصحة في قضية من أهم القضايا التي تشغل بال المغاربة، حيث أضحت لها الأولوية على الأكل والشرب والطعام وحتى الشغل، لكن أن تتدهور حياة المغاربة نتيجة الشروط التي فرضتها جائحة كورونا وتتضرر صحتهم نتيجة التدبير الخاطئ لملف جلب اللقاحات فهنا الطامة الكبرى.
لقد قام جلالة الملك محمد السادس بدوره الكامل كقائد للأمة منذ اليوم الأول لظهور أول إصابة بفيروس كورونا، وأعطى التعليمات من أجل تدابير اقتصادية واجتماعية شدّت انتباه العالم، وفي موضوع اللقاحات اتصل بالرئيس الصيني وكان المغرب البلد الوحيد إفريقيا الذي أجرى تجارب سريرية على اللقاح الصيني سينوفارم، على أساس أن يكون المغرب من أولى الدول التي تتوصل باللقاح إن لم تكن لها حصرية توزيعه على القارة السمراء.
لكن ماذا حدث حتى تأخر اللقاح؟ من المسؤول عن عثرات الطريق التي جعلتنا في وضعية لا نحسد عليها؟ لماذا لم تقم الوزارة بدورها الكامل في التتبع الذي لا يمكن أن يقوم به غيرها؟ من تسبب في التأخير ينبغي أن يحاسب لأنه يخون جلالة الملك ومجهوداته الجبارة.
بعد مرور حوالي ستة أشهر على توقيع الاتفاق مع المختبرات الصينية لا زال المغاربة يجهلون كل شيء عن اللقاح وكأن المعلومات المتعلقة به لا تعنيهم، وعلى العكس من ذلك فهم معنيون بها بشكل كبير جدا، وما انتشار الشائعات إلا نتيجة للغموض الذي يلف الملف والتعاطي معه.
لا يعرف المغاربة اليوم هل وصل اللقاح أم لم يصل؟ وما جرى في دجنبر الماضي هل هو تخزين للقاح المستورد أم مجرد محاكاة “مناورة”؟ وهل وقعت الوزارة أو من يمثلها اتفاقيات بهذا الشأن؟ هل تم أداء الثمن أم لا؟ هل التأخر ناتج مثلا عن تأخرات في الأداء؟ هل للتأخر علاقة بالصراعات الدولية حول الدواء؟ ما هي المديرية المكلفة بهذا الشأن؟
لا معنى لأن ينتظر المغاربة كل هذا الوقت، وأكثر من ذلك أن ينتظرون ولا يعرفون شيئا وأي مصير ينتظرهم بعد أن طفقنا نسمع عن احتكار بعض الدول للقاح بشكل غريب حيث اقتنت كندا ما تحتاجه من لقاح مضاعف خمس مرات.
يخرج الوزير أيت طالب ليقول إنه لا يعلم موعد وصول اللقاح. من سيعلم ذلك؟ تم يأتي رئيس الحكومة إلى البرلمان حيث لم يقل شيئا سوى إنشاء غامضا. ما هذا الذي يجري في هذه الجغرافيا حيث كنا من أوائل من يتوقع حصولهم على اللقاح فأصبحنا نتساءل هل هناك خطة للحصول عليه أم أننا دخلنا في دوامة لا مخرج منها؟ كيف سبقتنا دول لم تكن في عداد البلدان المنافسة لنا في الحصول على اللقاح؟
اللقاح كثعلب زفزاف الذي يظهر ويختفي
