Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الماء ثروة الحاضر والمستقبل

عمليا تبدو ثروات النفط والغاز واليورانيوم والليثيوم أهم المعادن الحالية، طبعا هي ضرورة للصناعات وللتطور التقني والتقدم البشري، لكن ثروة الأمم في الحاضر والمستقبل هي الماء. قال تعالى في محكم كتابه الكريم “وجعلنا من الماء كل شيء حي”، ووردت أحاديث كثيرة في تعظيم الماء حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الماء حتى لو كان المرء على ظهر نهر، وهي دعوة للحفاظ على الماء، ومن كبر شأن هذه الثروة وضع رسول الله كل أسس استغلاله واستهلاكه في كل الأحيان والأحوال.
وكان جلالة الملك محمد السادس قال في الخطاب الموجه إلى البرلمانيين، وعبرهم إلى الشعب المغربي، خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة (16 أكتوبر 2022) إن “المغرب أصبح يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي، ولا يمكن حل جميع المشاكل بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة رغم ضرورتها وأهميتها البالغة”.
ودعا جلالته الحكومة والمواطنين إلى أخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول لهذه المادة الحيوية، وينبغي ألّا يكون مشكل الماء موضوع مزايدات سياسية، أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية.
وفي السياق نستذكر روح جلالة المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني، الذي قال ذات يوم من العقد التاسع من القرن العشرين وهو يفتتح سد الوحدة، كأكبر سد في المغرب، “إن العالم سيعيش مستقبلا حروبا حول الماء”، وسماه الذهب الأبيض وليس حول البترول الذهب الأسود، ولم يول كثيرون بالداخل والخارج أهمية كبرى لهذا المعطى، لأن كل المؤشرات كانت تفيد أن الصراعات المستقبلية ستكون حول الماء، لكن الناس ينظرون تحت أرجلهم، ونحمد الله أنه ليس لنا أنهار ولا وديان مشتركة، حيث أصبحت اليوم مصدر متاعب وتنذر بحروب سواء على نهر الفرات بين تركيا وسوريا والعراق أو على نهر النيل بين مصر وإثيوبيا.
لعل المغرب من الدول الأكثر وعيا بأهمية الثروة المائية، وفي هذا السياق يأتي ربط ضفة وادي سبو بضفة أبي رقراق، وتحويل المياه، التي كانت تذهب سدى ويبتلعها البحر الذي ليس في حاجة إليها، إلى حيث ينبغي أن تذهب إذ سوف يتم استغلالها في كثير من الأمور وعلى رأسها ملء حقينة بعض السدود، المستعملة في تزويد بعض المدن بالماء الشروب.
هذا الربط، الذي تم عبر قناة تحت أرضية عملية كبرى تضمن الحفاظ على الثروة المائية، كما هي رؤية جلالة الملك محمد السادس، الذي وضع نصب عينيه معالجة مشكل الإجهاد المائي في بداياته وقبل تفاقمه، إذ حينها يصبح صعبا التحكم فيه، لكن على الحكومة أن تكون في المستوى المطلوب وتمنع استنزاف الثروة المائية في الزراعات التصديرية حماية لقطرة الماء التي يحتاجها المواطن لأساسيات الحياة.

Exit mobile version