Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المادة التاسعة من القانون المالي ورسالة اليوسفي واستهتار العثماني

 

الديمقراطية تعني اختيار من يدير الشأن العام، كما تعني سياسيا فصل السلط، ولا قيمة لأية سلطة إن لم تكن هناك قوانين تؤطرها، ونحن نعيش اليوم على وقع تصويت مجلس النواب على المادة التاسعة من القانون المالي لسنة 2020، التي تمنع الحجز على ممتلكات وأموال المؤسسات العمومية والجماعات المحلية في حال وجود حكم قضائي حائز قوة التنفيذ، وما زالت المادة مطروحة اليوم أمام مجلس المستشارين.

في مقابل ذلك انتفض القضاة والمحامون. القضاة لأنه تم المساس مباشرة باستقلاليتهم، وهي التي أقرها القانون وتم إكمالها باستقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، والمحامون لأنهم ينوبون عن المتضررين من المقاولات والمواطنين بمختلف مستوياتهم. كل يوم نسمع لهم وقفة هنا وهناك.

لا ينبغي أن نخلط الأمور، فتصويت البرلمان على أي قانون وصدوره في الجريدة الرسمية يعطيه الصبغة الرسمية ويلزم تنفيذه، وهذه النقطة لا غبار عليها ولا استشكال هنا، لكن الإشكال في تبعات تنفيذ هذا القرار.

قبل أن نستكمل حديثنا عن التبعات السلبية للمادة التاسعة دستوريا واقتصاديا، نذكر برسالة الوزر الأول عبد الرحمن اليوسفي، إلى الوزراء وكتاب الدولة قصد تنفيذ الأحكام القضائية. وقالت الرسالة إنه يرد على الوزير الأول يوميا عدد كبير من المراسلات يشتكي أصحابها عن امتناع بعض الوزارات إما أصليا أو بحكم الوصاية وكذا بعض المكاتب الوطنية والجماعات المحلية والوكالات المستقلة، من تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية رغم اكتسابها قوة الشيء المقضي به.

وأضافت الرسالة: ينبغي التذكير في هذا الصدد بأن الامتناع عن تنفيذ حكم أصبح نهائيا واكتسب قوة الشيء المقضي به يعتبر في مفهوم القانون الجنائي تحقيرا لأمر قضائي مع ما يترتب عن ذلك من جزاءات قانونية. وينبغي التذكير بأن تنفيذ الأحكام النهائية يعتبر أسمى تعبير من كل الأطراف المعنية عن تمجيد القضاء وتكريم السلطة القضائية وفي ذات الوقت اعترافا بحقوق المواطنين واحتراما وتكريسا لحقوق الإنسان.

رسالة الوزير الاول مختومة بأمر واضح بضرورة تنفيذ الأحكام القضائية.

التعليلات التي تقدمت بها حكومة العثماني وهي تدافع عن المادة التاسعة تتسم باللبس والغموض. إذ أن كل من يريد تمرير قرارات معينة يتمسك بعبارة “المصلحة الوطنية”. شكليا دفعت الحكومة في شخص وزير الاقتصاد والمالية بكون الحجز على ممتلكات الدولة والجماعات سيعطل مصالح المواطنين. هذا الجزء العامر من الكأس، لكن هناك جزء فارغ. ولا تكتمل المعادلة إلا بحل كل أطرافها أو معاملاتها كما يقال رياضيا.

المعادلة تتكون من عنصرين. الأول هو الحجز على ممتلكات الدولة والجماعات وتعطيل مصالح المواطنين. الثاني هو ضرب قيمة الأحكام القضائية، وبدونها لا تبقى هناك قيمة رمزية للمؤسسات. ويتفرع عنه ضياع حقوق المقاولات والمواطنين، الذي يعني الإغلاق والذي يعني بدوره تشريد آلاف العمال. هل أحصت الحكومة كم من أسرة ضاعت بعد إغلاق 12 ألف مقاولة سنة 2018؟

ولكم في اليوسفي عبرة يا أولي الحكومة.

Exit mobile version