Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المحاكم المالية تحاكم 287 مسؤولا في الدولة

كشف المجلس الأعلى للحسابات، أن عدد الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم المالية برسم سنتي 2019 و2020، بلغ 287 حكما وقرارا في إطار 72 قضية حكمت فيها هيئات المحاكم المالية بعقوبات في حق المسؤولين الذين ثبت ارتكابهم لمخالفات مستوجبة للمسؤولية، وذلك في إطار نشاط هذه المحاكم في ممارسة اختصاص التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.

وذكر التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2019 و2020، أن مجموع مبالغ الغرامات المحكوم بها في إطار هذه القضايا بلغ 5 ملايين و228 ألف و700 درهم، في حين بلغ مجموع مبالغ إرجاع الأموال المحكوم بها مليون و338 ألف و237 درهم.

وأبرز المجلس أن مداولات هيئات الغرف في نتائج المراقبة القضائية شكلت في إطار التدقيق والبت في الحسابات، وكذا في مشاريع التقارير الخاصة التي تسفر عنها مهمات مراقبة التسيير المصدر الرئيسي للقضايا التي بت فيها المجلس الأعلى للحسابات خلال سنتي 2019 و2020، مضيفا أن طلبات السلطات الخارجية المؤهلة لرفع القضايا في إطار هذا الاختصاص ظلت محدودة، إذ لم تتجاوز نسبة 4 بالمائة من أصل 26 قضية رائجة.

وعلى مستوى القضايا التي بتت فيها المجالس الجهوية للحسابات، أشار ذات المصدر إلى أنه من أصل 192 قضية رائجة، توزعت طلبات رفعها الموجهة إلى وكلاء الملك لدى هذه المجالس بين تلك الصادرة عن رؤساء المجالس الجهوية للحسابات على إثر مداولات هيئات هذه المجالس سواء في إطار التدقيق والبت في الحسابات أو مراقبة التسيير بنسبة 68 بالمائة وتلك الصادرة عن وزير الداخلية استنادا إلى تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية بنسبة 32 بالمائة.

وارتباطا بوظائف الأشخاص المتابعين، بلغت فئات الأشخاص المعنيين بالقضايا الرائجة أو التي بت فيها المجلس الأعلى للحسابات، خلال سنتي 2019 و2020، من أصل عدد الأشخاص المتابعين (137) نسبة 30 بالمائة بالنسبة للآمرين بالصرف، كما هو الشأن بالنسبة للمدراء المركزيين بالوزارات أو المدراء العامين للمؤسسات العمومية، وكذا الآمرين بالصرف المساعدين، لاسيما رؤساء المصالح الخارجية للوزارات، في حين تشكل المستويات الوظيفية التنفيذية نسبة 23 بالمائة.

وأكد التقرير أن أغلب الأفعال والمؤاخذات موضوع القضايا الرائجة أو تلك التي بتت فيها المحاكم المالية، خلال سنتي 2019 و2020، تتعلق بحالات عدم التقيد بالنصوص القانونية المطبقة على تنفيذ عمليات الموارد والنفقات العمومية في مختلف مراحل تنفيذها، سواء في مجال المداخيل أو الصفقات العمومية، كما هو الشأن بالنسبة لفرض وتحصيل الرسوم الجماعية واللجوء إلى صفقات التسوية (استلام أشغال أو خدمات قبل التأشير على الصفقات)، وكذا بحالات عدم تطبيق غرامات التأخير وتغيير المواصفات التقنية أثناء التنفيذ دون اتباع المساطر القانونية والإشهاد غير الصحيح على استلام الأشغال أو المواد المتعاقد بشأنها برسم صفقات عمومية.

كما شملت المساءلة في إطار هذه القضايا، بحسب البلاغ، حالات الحصول على منافع نقدية أو عينية غير مبررة، وكذا حالات إلحاق ضرر بجهاز عمومي بسبب الإخلال الخطير في المراقبة التي هم ملزمون بممارستها أو من خلال الإغفال أو التقصير المتكرر في القيام بمهامهم الإشرافية.

وعلى مستوى حصيلة الرقابة القضائية للمحاكم المالية في إطار اختصاص التدقيق والبت في الحسابات، فقد أصدر المجلس الأعلى للحسابات خلال سنتي 2019 و2020 ما مجموعه 203 قرارا نهائيا بمقتضاها تم التصريح بعجز بمبلغ إجمالي قدره 7 ملايين و49 ألف و254 درهم في حسابات المحاسبين العموميين المعنيين، بينما أصدرت المجالس الجهوية للحسابات، 235 حكما نهائيا بالتصريح بوجود عجز في حسابات المحاسبين العموميين المعنيين بمبلغ إجمالي قدره 22 مليون و480 ألف و240 درهم.

وفي إطار اختصاص التسيير بحكم الواقع، وبالإضافة إلى القضايا الرائجة أمام المجالس الجهوية للحسابات، والتي بلغت سبع حالات، صرح المجلس بوجود حالة التسيير بحكم الواقع بشأن بعض العمليات المتعلقة بالتسيير المالي لمؤسسة عمومية بمبلغ قدره 1 مليون و795 ألف و500 درهم وتم التصريح بحالة واحدة على مستوى المجالس الجهوية للحسابات، تتعلق بإعانة ممنوحة لجمعية بمبلغ قدره 76 ألف درهم.

وبالنسبة للأفعال التي تم اكتشافها في إطار ممارسة المحاكم المالية لمختلف اختصاصاتها القضائية وغير القضائية، ذكر التقرير أن النيابة العامة لدى المجلس الأعلى للحسابات، أحالت خلال سنتي 2019 و2020، 22 ملفا إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض –رئيس النيابة العامة-، وذلك قصد اتخاذ المتعين بشأنها، فيما اتخذت مقررات بعدم إثارة الدعوى العمومية بخصوص ست ملفات لعدم كفاية القرائن والإثباتات اللازمة.

و قام المجلس الأعلى للحسابات، خلال سنتي 2019 و2020، بإنجاز عدة مهمات رقابية في مجال المالية العامة والإدارة، تهم بالأساس مجالات تدبير ميزانية الدولة، برسم سنوات 2018 2019 و2020 وتنفيذ المقتضيات المتعلقة بمنهجية نجاعة الأداء، وتدبير قباضات إدارة الضرائب، والمراحل التي قطعها تنزيل مشروع تنزيل المحاسبة العامة للدولة، ووضعية أنظمة التقاعد، فضلا عن تدبير الخدمات القنصلية المقدمة للمغاربة المقيمين في الخارج.

ففي ما يتعلق بتدبير ميزانية الدولة، فقد أصدر المجلس تقريرين حول تنفيذ قانوني المالية لسنتي 2018 و2019، والذين سبق للمجلس أن وجههما إلى البرلمان ويقدم التقرير السنوي ملخصا عنهما حيث سجلت سنة 2019 استقرارا نسبيا في عجزا الميزانية بلغ 5 ,41 مليار درهم، أي ما يعادل 3,6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، بانخفاض ضئيل قدره 141 مليون درهم بالمقارنة مع سنة 2018. كما أن الدين المستحق على الخزينة استقر بدوره في 65,7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مع نهاية 2019، ويتناول التقرير أيضا بالتحليل الظرفية التي استلزمت اللجوء إلى قانون المالية المعدل في 2020، بسبب السياق الاستثنائي لجائحة كوفيد 19 وتداعياتها المباشرة والعميقة على المالية العامة بالمملكة على غرار غالبية دول المعمور.

وسجل التقرير أنه من نتائج هذه الوضعية على وجه الخصوص تفاقم عجز الميزانية، حيث تضاعف تقريبا من سنة لأخرى إذ بلغ 82,4 مليار درهم، كما سجلت مديونية الخزينة مسارا تصاعديا بأن انتقلت إلى 76,4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مع نهاية 2020 أي بزيادة 10,7 نقاط بالمقارنة مع السنة التي سبقتها، وفيما يخص تنفيذ المقتضيات المتعلقة بمنهجية نجاعة الأداء، أشار التقرير أنه تم تسجيل تقدم مهم في مسار اعتماد هذه المنهجية على نطاق واسع مما ساعد على خلق دينامية إيجابية في تدبير المالية العامة، إلا أن هذه الدينامية، يبرز التقرير، ما زالت تعرف عدة نقائص تحد من نتائجها، منها محدودية التناغم بين الاستراتيجيات القطاعية وبعض البرامج الميزانياتية، واعتماد عدد كبير من الأهداف والمؤشرات يصعب في بعض الأحيان تتبعها، بالإضافة إلى غياب نظام معلوماتي يمكن من تتبع نجاعة الأداء.

وبخصوص المجال الجبائي، يضم التقرير خلاصات عن المهمات الرقابية المتعلقة بتدبير قباضات إدارة الضرائب. وتأسيسا على ذلك يوصى المجلس، بخصوص تدبير الوعاء الضريبي، بإيلاء الأهمية للتدابير الكفيلة بتوسيعه، وذلك بالقيام بالإحصاء السنوي للملزمين، وكذا مسك وضعية شاملة ودقيقة لتتبع الملزمين المتخلفين عن التصريح والحرص على تفعيل مسطرة الفرض التلقائي للضريبة في حقهم، عند الاقتضاء.

وبخصوص المنازعات الضريبية، أوصى التقرير باستخلاص الديون بناء على أسس مثبتة ومطابقة للواقع، لتفادي خسران الدعاوى القضائية بسبب الأخطاء في تقدير الضريبة أو وجود عيوب شكلية. إضافة إلى ذلك، يحث المجلس على تدارك نقائص النظام المعلوماتي المندمج للتضريب، وخاصة فيما يتعلق بالمراقبة والتتبع والتنبيه.

وفي مجال آخر يتصل بالإعداد للتصديق على حسابات الدولة، بادر المجلس بإنجاز مهمتين خلال سنة 2019، تهدف الأولى إلى تقييم المنظومة المتعلقة بالرقابة والتدقيق الداخليين على مستوى الإدارة العمومية، فيما انكبت الثانية على الأنظمة المعلوماتية بوزارة الاقتصاد والمالية.

كما أنجز المجلس سنة 2020 مهمة استكشافية تروم تقييم وضعية تقدم اشغال إرساء الإجراءات المتخذة من أجل تطبيق المقتضيات القانونية الخاصة بتنزيل نظام المحاسبة العامة الخاص بالدولة.

وسجل التقرير في هذا الصدد أنه بالرغم من التقدم الحاصل في إعداد القوائم المالية لسنة 2020، فإن هذا المشروع في حاجة إلى اعتماد خطة عمل واضحة ومزيد من التنسيق وإشراك كافة المتدخلين، حيث لم يتم بعد تحديد جدول زمني لبعض العمليات المحاسباتية ذات الأولوية. ويتعلق الأمر أساسا بإحصاء وتثمين الأصول الثابتة والمخزونات واحتساب الديون المنبثقة من عقود الاقتراض والالتزامات خارج الميزانية، وكذا بمعالجة المبالغ المسجلة ضمن الباقي استخلاصه.

وبخصوص أنظمة التقاعد، لاحظ المجلس أن تغطية التقاعد الإجمالية للسكان النشيطين لا تزال محدودة، مشيرا إلى أنه من بين 4.4 مليون شخص مع نهاية سنة 2019، لا يتجاوز معدل هذه التغطية 42 بالمائة، على الرغم من التقدم الكبير الذي لوحظ في السنوات الأخيرة، على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وعلى غرار السنوات السابقة، أورد التقرير تحليلا لوضعية أنظمة التقاعد والتي تعرف صعوبات متفاقمة بخصوص ديمومتها وتوازناتها المالية.

وشدد التقرير في هذا الإطار على أنه بالرغم من التعديلات المهمة لمقاييس نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد والتي جاء بها إصلاح 2016، من المتوقع أن يستنزف هذا النظام كامل احتياطاته في أفق 2026، فيما يعرف النظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، عجزا تقنيا منذ عدة سنوات، ومن المتوقع أن يواجه أول عجز إجمالي له في أفق 2028.

كما أن نظام تقاعد الأجراء الذي يدبره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سيواجه أول عجز تقني له في أفق 2029 على الرغم من وجود رافعة ديموغرافية مواتية.

واعتبارا لحجم هذه الاختلالات، أكد المجلس على الصبغة الاستعجالية التي يكتسيها إصلاح هذه الأنظمة، حيث أوصى بالاستمرار في مراجعة ومواءمة معايير أنظمة التقاعد الأساسية، ووضع حلول تمويل مناسبة ومبتكرة، وإصلاح حكامة وقيادة الأنظمة.

كما يوصي المجلس بضرورة تحديد خارطة طريق لمنظومة الإصلاح الهيكلي عن طريق تسريع وتيرة الإصلاحات المعيارية بهدف توفير أوجه التقارب فيما بين الأنظمة القائمة والإطار المستهدف والمحدد مسبقا، وكذا مراجعة الإطار التنظيمي لنظام تقاعد العاملين غير الأجراء.

وخصص المجلس مهمة رقابية لتدبير الخدمات القنصلية المقدمة للمغاربة المقيمين في الخارج، حيث أوصى الوزارة المعنية، بناء على ملاحظاته، بالعمل على وضع استراتيجية قنصلية مندمجة ومتكاملة، وتطوير نظام لتتبع وتقييم أداء الخدمات القنصلية.

كما حث على أهمية تعزيز التواصل مع المرتفقين وتفعيل مشروع رقمنة الخدمات القنصلية وبرنامج تحديث المباني، وكذا تبسيط الإجراءات الإدارية والرفع من جودة الخدمات المقدمة، داعيا الوزارة ، في السياق ذاته، إلى العمل على وضع خطة محكمة لإدارة الأزمات، تسمح للمراكز القنصلية باعتماد نهج استباقي فعال في حالة نشوء أزمات كبرى، والحرص على توفير الحماية والمساعدة الاجتماعية والقانونية لفائدة المغاربة في الخارج، علما أن الأحداث الأخيرة المرتبطة بالأزمة الأوكرانية أبانت عن جدوى هذه المقاربة.

Exit mobile version