Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المخطط الأخضر في الميزان

يوجد في رف مجلس النواب طلب يقضي بتكوين لجنة للاستطلاع حول ملف المخطط الأخضر، الذي ابتلع ولازال ملايير الدراهم، المستقطعة من جيوب المغاربة، وهي ملايير تدخل في إطار إعادة توزيع الثروة، لكن السؤال الجوهري: هل تم توزيعها أم تمت إعادة تدويرها ليستفيد منها كبار الفلاحين والمزارعين بينما لا يصل إلى الصغار منهم سوى الفتات الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
اعترض رئيس المجلس على هذا الطلب، ولا يحتاج هذا الرفض إلى حجج وبراهين إذا علمنا أن الطالبي العلمي هو قيادي في التجمع الوطني للأحرار، وأن رئيسه في الحزب هو عزيز أخنوش، الذي شغل منصب وزير الفلاحة لمدة 15 سنة، وباسم استكمال أوراش تنمية العالم القروي والمخطط الأخضر حافظ على هذا المنصب بألوان حزبية ومستقلا، والذي يستكمل مساره اليوم هو وزير الفلاحة محمد الصديقي، الذي كان طوال مدة أخنوش كاتبا عاما للوزارة بمعنى مهندسا لهذه المشاريع.
أول من يفرض المنطق أن يدفع بهذه اللجنة هو عزيز أخنوش، حتى يضع المغاربة جميعا أمام الصورة، وحتى نرى بأم أعين التحقيق ماذا حدث؟
أحيانا لا نتحمس لمثل هاته المبادرات لأننا نعرف مسبقا سوف يتم التحكم فيها، لكن الأساسي هو أن يتم فتح النقاش، ويتم الأخذ والرد، وممارسة النقد، حتى يتعرف المغارفة على أموال المخطط الأخضر أين ذهبت؟
كان الهدف من المخطط الأخضر، والذي هو مبادرة ملكية احتالت عليها الحكومات ولم تنفذها كما ينبغي، يهدف إلى الدفع بصغار ومتوسطي الفلاحين نحو تجويد المنتوج، وتأهيلهم للمساهمة في تعزيز سوق الصادرات الوطنية دون الإضرار بالأمن الغذائي واستقرار قوت المغاربة.
غير أن النتائج تظهر عكسية، إذ أن الأمر لا يعدو أن يكون استهدافا لأممنا الغذائي، حيث تم التركيز على نوع من الزاراعات المكلفة للفرشة المائية، مثل لافوكا والدلاح، وهي فاكهة موجهة للتصدير، ولا يستثمر فيها إلا كبار الفلاحين، بينما تم الإضرار بصغار الفلاحين والمزارعين حتى فكر كثير منهم في بيع أرضه، وهو ما يعني أن سياسة أخنوش قد تؤدي إلى موجة هجرات قروية جديدة نحو المدن.
الظاهر، الذي لا يحتاج إلى تحقيق وتدقيق، أن المخطط الأخضر استفاد منه الكبار وأضر بالصغار والمتوسطين، حيث أعدم الصغار وجعل المتوسطين صغارا بينما اغتنت المقاولات الفلاحية الكبرى بواسطته.
وللأسف الشديد أن من نفّد هذا المخطط، أي أخنوش، هو من كبار المستثمرين في القطاع الفلاحي، كما أن وزراء هم أيضا من كبار الفلاحين المستفيدين من المخطط الأخضر، وبرلمانيون كثر أيضا من المستفيدين من المخطط الأخضر وبالتالي لا يمكن التعويل على أي لجنة من هذا النوع، لكن الجيد فيها أنها سوف تفتح النقاش على مصراعيه حول مخطط أرادت له الدولة مسارا كي ينقذ البلاد لكن طريقة تنفيذه جعلت منه بقرة حلوبا لكبار الفاعلين في القطاع.

Exit mobile version