طالبت أحزاب مغربية لها وزنها في المشهد السياسي بفتح تحقيق حول مخطط “المغرب الأخضر”، وفي أي بلد ديمقراطي المطالبة بالتحقيق في قضية تثير جدلا لا يشكل أي إزعاج لأية جهة كانت، وبغض النظر عن كون زعيم حزب العدالة والتنمية كان رئيسا في وقت من الأوقات لعزيز أخنوش لما كان وزيرا للفلاحة مسؤولا عن المخطط المذكور، فالتحقيق سيؤكد إذا ما كان بنكيران أيضا متورطا في المغرب الأخضر أم لا؟
لقد أشرف عزيز أخنوش على “المخطط الأخضر” منذ ولادته وإلى حين أصبح “رجلا مريضا” اليوم وما زال تحت إشرافه باعتباره الممسك بكل تفاصيل الوزارات التي تحت إشرافه، بينما كان يتوفر على تفويض لتوقيع مصاريف صندق تنمية العالم القروي، الذي كانت ميزانيته تتعدى 52 مليار درهم، وبالتالي هو مسؤول عما وصل إليه.
المطالبة بفتح تحقيق تدبير موجود في كل بلاد الدنيا، والتحقيق في ملفات الوزرا السابقين إجراء ديمقراطي لا مندوحة عنه، وهو لا يعني بأي حال من الأحوال توجيه اتهامات لأي واحد مهما كان، ولكن بما أن المؤشرات تفيد أن المغرب بدون مخطط أخضر كان أفضل من مغرب بمخطط أخضر، ينبغي للضرورة والشفافية معرفة خلفيات حتى التراجع إن لم نقل الانهيار.
المؤشرات التي يتحدث عنها المغاربة اليوم بعد حوالي 16 عام من المخطط الأخضر هي هذا التراجع الفظيع، إذ تم تعويض الزراعات التي كانت توفر معيشة المغاربة وقوتهم وأمنهم الغذائي اليومي والاستراتيجي، تم تعويضها بزراعات سريعة الربح، وهي الزراعات المغطاة، تحت عنوان “ماكر” هو أن كل بضاعة يمكن استيرادها بكلفة أقل من كلفة الانتاج ينبغي استيرادها، لكن هذه القاعدة لا تصمد أمام التحولات التي يعرفها العالم، وخصوصا ما يتعلق بأسعار وكلفة المواد الأساسية والغذائية.
تم تحويل المغرب إلى زراعات تصديرية تستنزف الفرشة المائية، فيزمن يعاني فيه العالم من قلة الماء، بل يعاني المغرب بشكل كبير حتى أصبح على حافة العطش، وهي زراعات غير منافسة ولا نستطيع فيها المنافسة مع بلدان تنبت لديهم بشكل عشوائي ولا تتطلب كل هذه الرعاية.
وخير شاهد على فشل هذا المخطط هو الرسالة الملكية، التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، المتعلقة بإلغاء أضحية العيد والاكتفاء بمراسيمه، حيث تحدثت الرسالة الملكية عن التراجع الكبير الذي عرفه القطيع الوطني، مع العلم أنه تم صرف الملايير، التي ذهب لجيوب بعض المنتسبين لتجمع المصالح الكبرى، إذ لا يعقل أن نصرف الملايير من الدراهم كدعم لكبار الكسابة والمستوردين وتكون النتيجة هذا الضعف المهول.
ولكل ما سبق ذكره ينبغي أن نقول إنه سنيغي الاستجابة لطلب التحقيق من الجهات المعنية، وهذا من مصلحة المغرب، ومن مصلحة صورته في الداخل والخارج، تم لا ينبغي أن يكون مثل التحقيقات السابقة كالتحقيق حول الأموال التي تم صرفها على البرنامج الاستعجالي للتعليم، والذي لم يعرف أحد مخرجاته.
“المخطط الأخضر” والحساب الضروري
