انتفضت المعارضة بالبرلمان على الحكومة الجديدة وبرنامجها الحكومي ، واصفين البرنامج الحكومي بـ”غير المنسجم” وغير الواقعي البعيد عن المعطيات الحقيقية، مطالبين الحكومة بـ” توضيح موارد دعم البرنامج الحكومي”، منبهين من توجه الحكومة الجديدة نحو فرض ضرائب جديدة لتمويل البرنامج الحكومي، معتبرين أن ” الجائحة ضربت قدرات الإقتصاد الوطني، وخلقت أوضاعا متأزمة لدى التجار و المهنيين”، حيث أجمعت المعارضة على تغول الأغلبية للسيطرة على البرلمان و الجهات معتبرين ذلك تمييع للعمل السياسي في المغرب.
و طالبت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد بـ”تقييم الانتخابات التشريعية والجماعية الأخيرة، التي شهدت استعمالا للمال والأعيان والفساد الانتخابي الذي شاب المحطات الانتخابية لسنة 2021″، وأضافت الأمينة العامة ” نتائج الانتخابات التشريعية، أعطت أغلبية مطلقة للأحزاب التي تقود الحكومة اليوم، لكن لا يجب أن تقتل هذه الأغلبية، منطق السياسة المبني على صراع الأفكار و البرامج”، مشددة على أن “هناك حاجة إلى استشعار انتظارت المغاربة وإلى وضع نظرة استيباقية ومنسجمة مستحضرة للتحديات والرهانات المطروحة”، وشددت منيب، على أنه ” نحن اليوم أمام سؤال الحفاظ على السلم الاجتماعي والأمن والاستقرار وما يتطلبه ذلك من قرارات شجاعة وقطائع مع الاختيارات التي أوصلتنا إلى الأوضاع المتأزمة والمركبة التي نعيشها”.
و استنكر رشيد حموني رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، الممارسات المسيئة التي اتسمت بها الانتخابات الفارطة، والتي لا تنسجم مع المسار الديمقراطي في المغرب، وانتقد حموني خلال مناقشة مضامين البرنامج الحكومي، بمجلس النواب، الاستعمال المريب للمال في شراء الأصوات وإفشال أجواء التنافس الشريف، داعيا إلى استخلاص الدروس من ممارسات بعض الأحزاب وقطاع واسع من المرشحين الذين أساؤوا للمغرب والمسار الديمقراطي وللأحزاب نفسها.
وحذر حموني من مخاطر استعمال المال الفاسد على المؤسسات وعلى صورة المغرب، وعلى مصداقية الأحزاب نفسها، ودعا حموني الحكومة الجديدة إلى تحفيز العاملين في القطاع الصحي، مؤكدا أن نجاح مشروع تعميم التغطية الصحية لا يمكن أن ينجح دون الاهتمام بالموارد البشرية للقطاع، وطالب بالعودة إلى المبادئ المؤسسة لنظام التعليم كما كانت تطالب به الأحزاب الوطنية الديمقراطية، ويتعلق الأمر بالتعميم والتوحيد والتجويد والإنصاف، وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية.
وتساءل كيف ستحقق الحكومة مليون منصب شغل بمعدل 200 ألف منصب شغل كل سنة مع تحقيق نسبة نمو تصل إلى 4 في المائة كل سنة علما أن هذا المعدل لن يسمح بتحقيق سوى 50 ألف منصب شغل؟، واستغرب من تغييب الحديث عن صندوق المقاصة في البرنامج الحكومي، وعدم الأخذ بالاعتبار تقلبات المواد الأساسية وخاصة النفط في الأسواق الدولية، وإصلاح صندوق التقاعد الذي يتجه نحو الإفلاس.
وشدد على أن أول امتحان تواجهه الحكومة هو الزيادة في أسعار المحروقات والمواد الأساسية والحد منها، لأنها قهرت المواطنين والمواطنات، ودعا الحموني الحكومة أن تكون لها الجرأة لتحارب مواطن الريع، من رخص الصيد في أعالي البحار ومقالع الرمال، ورخص النقل وتحويلها لموارد تمول بها الميزانية.
وانتقد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ضيق الوقت الممنوح للمعارضة في البرلمان، واستحواذ الأغلبية الحكومية على أغلب المناصب في مكتب محلس النواب، وانتقد الحزب ما وصفها بالهمينة القسرية على كل المؤسسات المنتخبة وإخضاعها لتوافقات قلبية في تناقض تام مع إرادة تطوير جهوية ما تزال في بدايتها، وأضاف في مداخلة لرئيس فريقه عبد الرحيم شهيد “انتقلنا من مرحلة الاستقواء بالإعداد إلى مرحلة التغول على العباد والهيمنة على الحياة السياسية”، مؤكدا أنه لن يهادن مع التضييق على مساحات التعددية السياسية وسيدافع عن الاختلاف والتنوع داخل المؤسسة البرلمانية، وتابع ” سنكون كمعارضة متمسكين بالدفاع عن حقوقنا كاملة وسنقوم بأدوارنا الدستورية المناطة بنا من أجل الإسهام في إنجاح المرحلة المقبلة”، وأكد أن تشكيلة الحكومة وهندستها الحالية ليست في مستوى المرحلة الراهنة، وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ النموذج التنموي، يضاف عليها طغيان التمثيلية التقنية على السياسية في تدبير القطاعات الحكومية، الأمر الذي سينعكس بحسبه سلبا على تشجيع الشباب على المشاركة السياسية الحزبية.
وأشار أن هذا النوع من الهندسة الحكومية قد لا يلائم تحديات الظرفية الراهنة وخاصة في ظل إطلاق الورش الاستراتيجي الكبير المتعلق بالنموذج التنموي، وأكد الحزب أن التصريح الحكومي الذي قدمه عزيز أخنوش ملتبس ويغيب عنه الابتكار، لذلك قرر التصويت ضد البرنامج الحكومي.
من جهته قال عبد الله بوانو رئيس مجموعة حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، إن نجاح الحكومة هو نجاح للوطن بأكمله، وأن تعيينها هو تكليف لإدارة الشأن العام ولرعاية المصالح العامة وخدمة المواطنين والمواطنات، وليس موقعا لتحصين مصادر الريع ومراكمة الثروات، وليس بالعمل بالمنطق الذي سماه ابن خلدون “الجاه المفيد للمال”، وأضاف خلال مناقشة البرنامج الحكومي، بمجلس النواب، أن العمل الحكومي تكليف للوفاء بالعهود والإنصات لألم المغاربة وآمالهم، وليس موقعا لدغدغة أسماعهم وشراء ولائهم بالكلام المعسول، كما تم ذلك مع الأسف من خلال شراء الأصوات في انتخابات يعرف الجميع حجم الأموال التي نزلت فيها، والتي كانت محل تنديد حتى من الأحزاب التي تشارك اليوم في الحكومة، وأكد بوانو أن حزب “العدالة والتنمية” سيمارس المعارضة بحزم ومسؤولية ووطنية، وسيدافع بقوة عن مصالح المواطنين والمواطنات وينتصر لقضايا الوطن ويدافع عن ثوابته ومصالحه العليا.
وجدد بوانو رفض حزبه للاختراق التطبيعي وعلى مخاطره على النسيج الوطني وإدانته للاعتداءات المتكررة للكيان الصهيوني على القدس وقطاع غزة والضفة الغربية، داعيا إلى مواصلة الجهود بقيادة الملك في دعم الفلسطينين لإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وشدد بوانو على أن نتائج انتخابات 8 شتنبر أضرت بالخيار الديمقراطي، مضيفا ” لقد كنا ننتظر أن تكون انتخابات 2021 انتخابات حقيقية تنهي حالة التردد والتذبذب الديمقراطي في بلادنا، حيث كرست الانتخابات الانتكاسة الديمقراطية في بلادنا واستعدت ممارسات قدمية كان الجميع يعتقد أن المغرب قطع معها مع دستور 2011.
المعارضة تنتفض ضد البرنامج الحكومي
